السعي ، فكان الأشبه الإجبار ، لكن لو عجز كان للمولى الفسخ وكأنه أشار بذلك إلى الفرق بين المقام وبين بيع النسيئة الذي لا يجب فيه على المشتري السعي في وفاء الثمن مع فرض إعساره ، لأن ذلك ليس مقتضى البيع الذي يجب الوفاء به بخلاف المقام الذي مقتضي العقد فيه وجوب السعي ، بل قد سمعت ما دل على المراد بالخير في الآية (١) من النصوص (٢) لا أن مقتضاه إثبات مال في ذمته يجب عليه أداؤه مع حصوله له ولا يجب عليه تحصيله.
بل به ظهر الفرق بين المقام وبين الدين الذي لا نوجب التكسب على المديون في وفائه ، بل منه يعلم أيضا ما في كلام ثاني الشهيدين في المسالك ، فلاحظ وتأمل.
كما أن مما ذكرنا يظهر ضعف المحكي عن ابن حمزة من جواز المشروطة من الطرفين والمطلقة من طرف المكاتب خاصة بل هو من الغريب ، ضرورة مخالفته الأصول ، خصوصا في المولى الذي لاحظ له في العتق ، على أن الجواز في حقه آت بمعنى أن له فسخ العقد وإن لم يعجز العبد ، وهو مناف لما هو كالمجمع عليه بينهم من عدم جواز ذلك ، خصوصا بعد أن ذكر غير واحد هنا أن المراد بالجواز من طرف المكاتب أنه لا يجب عليه السعي في مال الكتابة ولا أداؤه على تقدير وجوده معه ، بل له أن يعجز نفسه ويمتنع من تحصيل صفة العتق ، فللمولى حينئذ أن يفسخ العقد ، وله أن يصبر ، وليس المراد بجوازه ما هو المعهود في غيره من العقود من أن له فسخ العقد.
نعم عن الشيخ في المبسوط قول آخر في تفسير الجواز ، وهو أنه لا يلزمه التكسب له وإن قدر عليه ، لكن إن كان عنده مال وجب عليه دفعه ، واجبر على أدائه مع الامتناع ، كمن عليه دين وهو موسر.
وقد يقال : إن معني جوازها من طرف المولى بمعنى أن له تعجيز العبد
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة.