من هذه الجهة ، فلا يمكن المصير إليها بعد كونها بهذه المثابة ، ولم يعمل بمضمونها أصلا ، نعم عن الإسكافي أنه قال بعد ذكر الآية : يحتمل أن يكون ذلك أمرا بأن يدفع إلى المكاتبين من سهم الرقاب من الصدقات إن عجزوا ، ويحتمل أن يكون ندبا للسيد أن يضع عنه جزء من مكاتبته ، واحتماله الأخير موافق للرواية إن حملت على الاستحباب ».
وفيه ما عرفت من أن مضمون الخبر المزبور قد اشتمل عليه الصحيح وغير الصحيح ، وأما العمل به فكل من قال بالندب كالفاضل في المختلف والشيخ ويحيى بن سعيد في محكي التبيان والجامع عامل به ، بل قد سمعت تفسير المبسوط الإيتاء بذلك ، ولا ينافيه زيادة إيتاء شيء له للاستعانة ، وبالجملة دعوى كونه من الشواذ كما ترى ، فالمتجة العمل بها على جهة الندب ، بل لعله المنساق من الآية ولو لعطفه على الأمر بالكتابة الذي هو للندب كما عرفت ، وإشعار قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « من أعان مكاتبا على فك رقبته أظله الله في ظل عرشه » وقيل له صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « علمني عملا يدخلني الجنة فقال : أعتق نسمة وفك رقبة ، فقيل : أليسا واحدا؟ قال : لا ، عتق النسمة أن ينفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن يعين في عتقها » إذ لا يخفى على من رزقه الله معرفة اللسان أن ذلك ونحوه بل والنصوص السابقة بل والآية يراد به الندب.
ودعوى أن المنساق من مال الله في الآية الزكاة واضحة المنع بعد ما عرفت ، خصوصا بعد الوصف بقوله تعالى ( الَّذِي ) إلى آخرها وعلى تقديره فالمراد بالأمر بها الندب ، بل لعل ذلك خاص فيمن علم الخير منهم أي الايمان لا مطلقا.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٣٢٠ وفيه « من أعان مجاهدا .. أو مكاتبا في رقبة أظله الله في ظله يوم لا ظل الا ظله ».
(٢) المستدرك الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق الحديث ١٦ وسنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٣.