وبهذا القدر نکتفي من ذکر الأدلة على إثبات الإمکان الوقوعي للمعاد الجسماني بعدما بينا قبل ذلک الإمکان الذاتي له ، وإلاّ فإنّه توجد شواهد قرآنية أخرى تحکي لنا هذا الأمر ، کمسألة إحياء قوم بني إسرائيل ، الذين اُحيوا بدعاء نبي الله حزقيل ٧ ، عندما مرّ عليهم ، وکانوا ألوفاً مؤلفة خرجوا من ديارهم حذر الموت ، فأدرکهم الموت ، بقوله تعالى لهم : مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، (١) وببرکة دعاء نبي الله حزقيل ٧ أحياهم وأعادهم مرة ثانية لأن يعيشوا حياة دنيوية مرة أخرى بعدما تلاشت جثثهم وتبعثرت عظامهم هنا وهناک ، وکذلک مسألة إحياء قوم موسى الذين اختارهم لميقات ربّه ، (٢) وکذا مسألة إعادة أصحاب الکهف : بعد مرور السنوات عديدة عليهم ، (٣) وغيرها ، کلها شواهد لنا على إثبات الإمکان الوقوعي للمعاد ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى کون المعاد في هذا اليوم للروح والجسم معاً ، وقلما نجد لمثل هذه الدعوى مثيلاً في الرسائل السماوية الأخرى ، فقد جاء ما يقارب ثلث القرآن الکريم في خصوص بيان هذه الحقيقة وما يتعلق بها من لوازم وخصوصيات خاصة ، فلم يترک القرآن الکريم جانب من جوانبها إلا وکشف عن وجهه الستار ، حتى صار أمرها کالشمس في رابعة النهار ، وعندئذ لا يبقى للکافر بها إلا أن يقول : ( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ) ، (٤) ( يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللهِ ). (٥)
ــــــــــــــــ
١. البقرة ، ٢٤٣.
٢. راجع : سورة البقرة ، ٥٥ ، ٥٦.
٣. راجع : سورة الکهف ، ١٠ ـ ١٢.
٤. النبأ ، ٤٠.
٥. الزمر ، ٥٦.