قال : إنّه يقول بقرة لا فارض ولا بکر ، يعني لا صغيرة ولا کبيرة ، عوان بين ذلک ، ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ، ولکن شددوا فشدد الله عليهم ، قالوا : فادع لنا ربّک يبين ما لونها ، قال : إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ، ولو عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ، ولکن شددوا فشدد الله عليهم ، قالوا : ادع لنا ربّک يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا ، وإنا إن شاء الله لمهتدون ، قال : إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها ، قالوا : الآن جئت بالحق ، فطلبوها عند فتى من بني إسرائيل ، فقال : لا أبيعها إلا بملؤ مسک ذهباً ، فجاءوا إلى موسى ، وقالوا له ذلک ، قال اشتروها فاشتروها ، وجاءوا بها فأمر بذبحها ، ثم أمر أن يضربوا الميت بذنبها ، فلما فعلوا ذلک حيى المقتول ، وقال : يا رسول الله : إن ابن عمي قتلني دون من أدعي عليه قتله ، فعلموا بذلک قاتله ... الحديث. (١)
لا يخفى ما تنطوي عليه هذه القصة من معاني وحکايات عجيبة ولطيفة وهادفة ، ولکن الذي يعنينا هنا ما يتعلق بمسألة إحياء الموتى بعد موتهم مرة أخرى ، تلک المسألة التي کانت تشکل عقبة أمام بعض المشککين والمستبعدين لهذا الأمر ، وإن کان هناک شاهد وحس فطري على ذلک ، ولکنه عندما يصل إلى مرتبة من الضعف والخفاء في بعض النفوس ، لا يشکل بعد ذلک رادعاً لأوهامهم وشکوکهم ، فهذه القصة تکشف لنا عن إمکان هذه المسألة من جهة وقوعها في الخارج ، فهي نموذجٌ حيٌّ جسد لنا هذه الحقيقة ـ المعاد الجسماني والروحاني معاً ـ من باب أن القادر عليه هنا فهو قادر عليه هناک إلا أن بعض المفسرين حاول إنکار هذه الحقيقة ، مستبعداً حصول الکرامات والمعاجز لأولياء الله : ، ولذا احتاج إلى تأويل حصول مثل هذه ، کما هو عليه صاحب تفسير المنار ، إذ کان يقول فيها: ( إنّ معنى إحياء الموتى على هذا حفظ الدماء التي کانت عرضة لأن تسفک بسبب الخلاف في قتيل تلک النفس ). (٢)
ــــــــــــــــ
١. نقلاً عن : الميزان في تفسير القرآن ، ج ١ ، ص ٢٠٤.
٢. لاحظ : محمد رشيد رضا ، تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٣٤٥ ـ ٣٥٠.