من جهة ، ومن جهة أخرى لا يحقق مطابقة الجواب للسؤال ، وهو خلاف الحکمة وإرادة المعنى الحقيقي من ظاهر الجواب ، ثم أنه لا يتناسب مع ما لإبراهيم من مقام النبوة ، وأما مسألة وجود القرينة على إرادة غير المعنى الظاهر ، وهي التعدية کما ذکر ب « إلى » ، فقد قال فيها الشيخ مصباح اليزدي : ( ... أما تعدية « صرهنّ » ب « إليک » إن کان بمعنى الميل فالأمر بالتقطيع مقدّر ، وإن کان بمعنى القطع فالکلمة متضمنة لمعنى الميل ). (١) المهم أن هذه القصة تکشف لنا بشکل واضح لا يقبل الشک والترديد عن إمکان المعاد الجسماني الوقوعي فضلاً عن إمکانه الذاتي ، فهذه القصة في الواقع ما هي إلا صورة من صور المعاد الجسماني ، وقد ثبت وقوعها بالحس والوجدان والمشاهدة العينية في هذا العالم الجسماني الطبيعي المادي ، ومع وجود المقتضي وعدم المانع وقدرة الفاعل وعلمه ، فإن الإمکان الوقوعي لا يقبل الشک والترديد والاستبعاد بعد.
الدليل الثالث : قصة إحياء قتيل بني إسرائيل : وقد حکى الله سبحانه وتعالى هذه القصة عن طريق قول : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ * ... وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ). (١)
ففي رواية البزنطي قال : سمعت الرضا ٧ يقول : إنّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قرابة له ، ثم أخذه وطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ، ثم جاء يطلب بدمه ، فقال لموسى إنّ سبط أل فلان قتلوا فلاناً ، فأخبر من قتله ، قال : أتوني ببقرة ، قالوا : أتتخذنا هزواً ؟ قال : أعوذ بالله أن أکون من الجاهلين ، ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ، ولکن شددوا فشدد الله عليهم ، قالوا : أدع لنا ربّک يبين لنا ما هي ؟
ــــــــــــــــ
١. راجع : محمد تقي اليزدي ، کتاب معارف قرآن ، ٤٧٧ ـ ٤٥٠.
٢. البقرة ، ٦٧ ـ ٧٣.