البعض منقسم ، إما بالفعل ، أو بالعرض ، فينبغي أن تنقسم النفس إلى أن تنتهي بالأقسام إلى أقل شيء وأحقره.
خامساً : نفسک منذ کنت لم تتبدل ، ومعلوم أن البدن وصفات البدن کلها تتبدل. (١)
سادساً : لو کانت النفس الإنسانية منطبعة في البدن ، لکان ضعفها مع ضعف البدن ، لکنها لا تضعف مع ضعف البدن ، فثبت أنها غير منطبعة فيه. (٢)
سابعاً : إذا کنت صحيحاً ، مطرحاً عنک الآفات ، مجنباً عنک صدمات الهوى وغيرها من الطوارق والآفات ، فلا تتلامس أعضاؤک ولا تتماس أجزاؤک ، وکنت في هواء طلق « أي معتدل » ففي هذه الحالة أنت لا تغفل عن إنيّتک وحقيقتک ، بل وفي النوم أيضاً ، فکل من له فطانة ولطف وکياسة يعلم أنه جوهر ، وأنه لا تعزب ذاته عن ذاته.
ومما تقدم يتبيّن لنا أن بعض هذه الأدلة التي ذکرها في باب إثبات تجرد النفس مذکورة في فلسفة الفارابي وابن سينا ، خصوصاً الدليل الأخير ، فإنه ورد مثله في فلسفة ابن سينا ، في الوقت الذي يعجّزهم عن إقامة البرهان العقلي على أن النفس جوهر روحاني قائم بنفسه لا يتحيز ، وليس بجسم ولا منطبع في جسم ، ولا متصل بالبدن ، ولا هو منفصل عنه. (٣)
وقد انتهى الغزالي إلى عدم فناء النفس بالدليل العقلي ، ولذا نجده في رسالته معراج القدس يقول : ( إن النفس لا يتطرق إليها الفناء والعدم والفساد والهلاک ، وذلک أن کل شيء من شانه أن يفسد بسبب ما ، ففيه قوة أن يفسد ) ، (٤) إلا أنه عندما حاول التشکيک في إثبات الفلاسفة لخلود النفس بالبرهان العقلي وحده ، کما جاء في المسألة الثامنة عشرة في کتاب تهافت الفلاسفة ما هذا لفظه : ( في تعجيزهم عن إقامة البرهان العقلي على أنّ النفس الإنسانية جوهر روحاني قائم بنفسه لا يتحيز ،
ــــــــــــــــ
١. المصدر السابق ، ص ٣٤.
٢. المصدر السابق.
٣. المصدر السابق.
٤. أبو حامد محمد الغزالي ، رسالة معارج القدس ، ص ١٢٠.