النفس ، (١) وصرح بأن هذا التعلق ليس بأن يصير ذلک الجوهر النفساني المفارق عن البدن نفساً لذلک الجرم ، وإلاّ لزم کون ذلک الجرم الفلکي ذا نفسين ، وهذا أمر محال في نفسه ... ثم قال : وإن التناسخية لم يجوزوا ذلک ، فکيف جوز مثل الشيخ أمراً لم يجوزه أحد من العقلاء ؟ وأما ما قررنا وألزمنا عليه ، فذلک حديث آخر ، وهو مسلک عميق ودقيق ، ومنهج يمکن الذهول عنه لأکثر العقلاء ). (٢)
وقد برهن صدر المتألهين بطلان التناسخ على أساس منهجه الذي قرره في مسألة إثبات الحرکة الجوهرية ، ولذا قال إن مفسدة التناسخ ليست ناتجة من اختلاف الاستعدادت ، بل قد تؤکد لزومها ، کما يظهر عند التأمل ، فقال : ( فإن الواقف بالقوانين العقلية يعلم أن المادة لا تتهيأ ولا تستعد لفيضان صورة إلا عند تلبسه بصورة سابقة لها هي المعدة اللاحقة ، وتلک الصورة السابقة أقرب الأشياء إلى الصورة اللاحقة ، فالمادة المستعدة للنفس لا تستعدها إلا بعد استيفائها جميع المراتب الصورية التي تحتها بالقابلية والاستعداد ، وهذا شيء مطابق للبرهان معتضد بالتجربة والوجدان ؛ فعلى هذا کان تحقيق البعث والحشر للأبدان أصعب وأشکل ؛ فباب الوصول إلى معرفة المعاد الجسماني مسدود إلا على من سلک منهجا وذهب في طريقتنا ... ). (٣)
ويمکننا أن نعترض على موضوعية التناسخ عند الشيخ الرئيس أبي علي سينا بعد إبطاله للمعاد الجسماني بالدليل العقلي ، کما هو مبرهن عليه في رسالته الاضحوية في أمر المعاد ، (٤) إذ أن مسألة التناسخ تجري فيما إذا کان هنا إمکان للقول
ــــــــــــــــ
١. ومن جملة من تصدى الإبطال هذا الأمر الميرزا مهدي الآشتياني ، في تعليقته على شرح منظومة الحکمة للسبزواري ، ص ٧٣٠ ، ٧٣١.
٢. صدر المتألهين ، الاسفار ، ج ٩ ، ص ٢١٠.
٣. المصدر السابق ، ج ٩ ، ص ٢١٠ ، ٢١١
٤. لاحظ مقدمة الدکتور سليمان دنيا على کتاب تهافت الفلاسفة للغزالي ، ص ٣٧ ؛ حيث قال