معاً ـ الوعد والوعيد ـ وإلاّ قبح التکليف ، والمولى لا يفعل القبيح أصلاً وأبداً ، بل يرونه من مقتضى العدل الإلهي أن يفي بوعده ووعيده في اليوم الآخر ، وکيفما کان فإن وجوب الوفاء بالوعد کافٍ في ثبوت وجوب الإعادة ، وإن لم نقل بوجوب الوعيد ، وهذا خلاف للأشاعرة التي لا ترى موضوعية للبحث ، فلا يکفي ذلک دليلاً على وجوب المعاد ، بناء على ما ذهبوا إليه في التحسين والتقبيح الشرعيين ، لقوله تعالى : ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ). (١)
الوجه الثاني: دليل الحکمة الإلهية : ويعد هذا الدليل العقلي واحداً من أمتن الأدلة التي ذکرت في مسألة وجوب البعث والمعاد ، والتي لا يرد عليها کثير إشکال ، وما ورد عليها من قبل بعض المعاصرين ، (٢) راجع إما إلى عدم إدراکه وفهمه لحقيقة الصفات الإلهية وعلاقة بعضها مع البعض الآخر ، أو إلى استخدام أسلوب المغالطة لأجل التمويه في القضايا الثابتة واقعاً ، أو لأجل قاعدة خالف تعرف ، وخلاصة ما جاء به من إشکال هو أن العدل والحکمة صفتان اعتباريتان للمولى ، والأمر الاعتباري کيفما کان لا يمکن أن يکون أمراً يقينياً ، والبراهين تابعة في نتائجها إلى أخس المقدمات ، وعليه فکيف تکون نتيجة البرهان يقينية ، وهو قائم على أمر اعتباري ؟ وقد ردّ هذا الاعتراض من قبل الشيخ مصباح اليزدي ، (٣) بأن الصفات الإلهية وإن کانت أُموراً اعتبارية ، ولکن ليست جميعها اعتبارية محضة کما تصور المعترض ، بل البعض منها اعتبارية غير محضة ، ومنها العدل والحکمة الإلهية ، مستندة على أمر واقعي حقيقي ، وهي صفة القيوميّة لله تعالى ، ولا يشک أحد في
ــــــــــــــــ
١. الأنبياء ، ٢٣.
٢. عبر عنه الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي بقوله ما ترجمته ، ( الکثير من علمائنا الکبار أيضاً قد غفلوا عن هذه النکتة ) ، ذکره في کتابه معارف قرآن ، ص ٤٩٤. فراجع.
٣. راجع : کتاب معارف قرآن ، ١ ـ ٣ ، قسمت إنسان شناسي ، محمد تقي مصباح اليزدي ، ص ٤٩٤ ، ٤٩٥.