من أجزاء أصلية لا يطرأ عليها الفساد والتحول والتبدل أبداً ، ومن أجزاء فضليّة يطرأ عليها ذلک ، والأُلى تعاد مع النفس في اليوم الآخر ، والأخرى لا تعاد ، ، وعليه فهو معتقد بالمعاد الجسماني والروحاني معاً ، (١) وقد استدل على وجوبه وإمکانه بأدلة عقلية وسمعية کالتالي.
الدليل الأول : الدليل العقلي على وجوب البعث والمعاد مطلقاً : وقد استدل عليه الخواجة بوجهين عليين ، بقوله : ( ووجوب إيفاء الوعد والحکمة يقتضي وجوب البعث ) ، (٢) وهما کما يلي :
الوجه الأول : وجوب الإيفاء بالوعد : لقد خص الخواجة الوجوب بإيفاء الوعد دون الوعيد ، مع أن الله سبحانه وتعالى توعد المطيع والکافر بهما ، وقد وقع هذا البحث مورد الاختلاف بين الإمامية والمعتزلة ، فقد ذهبت الأولى إلى وجوب الوعد دون الوعيد ، والثانية إلى وجوبهما معاً ، حتى صار هذا القول رکناً وأصلاً من أصولها فعرفت بالوعيدية ؛ لأن الإمامية يرون أن الوعيد حق لله تعالى لا عليه ، فلا يجب الوفاء به ، بل قد يکون العفو منه تفضلاً ورحمة على عبده ، في حين أن الوعد حق للمطيع ، والله تعالى وعده بإيصال حقه إليه ، من دون أن يظلمه في ذلک أو يغره ، ولم ينله المطيع في الدنيا ، فوجب أن يعطيه له في الآخرة ، وعليه فيجب بعث المؤمن وإعادته حتى يصل إليه حقه من الباري عزوجل ، مع أن العمل الصالح کان بنعمة الله وفضله ، إلا أنه وعده عليه أن يثيبه ، لقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ ) ، (٣) ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعَادَ ) ، (٤) ولقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، (٥) وغيرها ، فوجب عليه بعثه ليوصل إليه الثواب والعطاء.
وهذا بخلاف المعتزلة التي ترى أن وجوب الوفاء يجب أن يکون شاملاً لهما
ــــــــــــــــ
١. لاحظ : العلامة الحلي ؛ کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق الشيخ السبحاني ، قسم الإلهيات ، ص ٢٥٨ ، ٢٥٩.
٢. المصدر السابق ، ص ٢٥٨.
٣. التوبة ، ١٢٠.
٤. آل عمران ، ٩.
٥. المائدة ، ١.