التشخص من حيث الأعضاء والأشکال والهيئات والتخاطيط أو لا ؟ والظاهر لم يشترط فيها هذا ؛ إذ أنه لم يشترط هذا أحد ، بل مآل کلامهم إلى أن بدن المعاد غير البدن الأول بحسب التشخص ، مع أنه عينه ، بناءً على ما دل عليه بعض الأحاديث المروية ، من کون أهل الجنة ، وکون ضرس الکافر مثل جبل أُحد « جرداً مرداً » ، (١) وکذا بقوله : ( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ) ، (٢) وقوله أيضاً : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ). (٣)
وقالوا : ( العبرة في ذلک بالإدراک وإنما هو للروح ولو بواسطة الآلات ، وهو باق بعينه ، ولهذا يقال للشخص من الصبا إلى الشيخوخة إنه هو بعينه وإن تبدلت الصورة الهيئات ، بل کثير من الأعضاء والآلات ، ولا يقال لمن جنى في الشباب فعوقب في المشيب ، أنه عقاب لغير الجاني ). (٤)
٧. وهو لجماعة النصارى والتناسخية : (٥) وهم أيضا يذهبون إلى القول بالمعادين ، مع فرق بينهم وبين جماعة المسلمين ، لأنهم ينظرون للنفوس بأنها قديمة ، وأنه کلما حصل لها الموت عادت في أبدان هذه الدنيا ، وليس لها معاد أخروي.
٨. وهو المنقول عن جالينوس : (٦) وقد نقل عنه التوقف في هذه المسألة ، بناءً على تردده في أمر النفس ، أنها هل هي المزاج فيفني بالموت فلا يعاد ، أم هي جوهر مجرد باق بعد الموت ليکون لها المعاد ؟
٩. مختار الخواجة نصير الدين الطوسي : وقد اختار من هذه الأقوال ، القول بکون النفس جوهراً مجرداً باق لا يفسد بفساد البدن الإنساني مؤلفاً
ــــــــــــــــ
١. الکليني ، الکافي ، ج ٨ ، ص ١٠٤ ؛ ابن بطريق الأسدي ، العمدة ، ص ٤٠٦ ؛ المفيد ، الأمالي ، ص ١٩٩ ؛ محمد بن عيسى الترمذي ، سنن الترمذي ، ج ٤ ، ص ٨٨ ؛ وغيرها.
٢. النساء ، ٥٦.
٣. يس ، ٨١.
٤. المبدأ والمعاد ، ص ٤٦٦.
٥. المصدر السابق ، ص ٤٦٥.
٦. المصدر السابق ، ص ٤٦٤.