ذلک في المقدمتين السابقتين ، وبناءً على ذلک انتهى إلى النتيجة التالية :
قال الشيخ الرئيس في بعض کتبه الأساسية : ( يجب أن يعلم أن المعاد منه ما هو مقبول (١) من الشرع ، ولا سبيل إلى إثباته إلا من طريق الشريعة ، وتصديق خبر النبوة ، وهو الذي للبدن عند البعث ، وخيرات البدن وشروره معلومة لا يحتاج إلى أن يعلم ، وقد بسطت الشريعة الحقّة التي أتانا بها سيدنا ومولانا ونبينا محمد ٩ حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن ، ومنه ما هو مدرک بالعقل والقياس ـ البرهان ، وقد صدقته النبوة ، وهو السعادة والشقاوة الثابتتان بالقياس ـ بالمقياس خ ل ـ اللتان للأنفس وان کانت الأوهام منات قصر عن تصورهما الآن لما توضح من العلل. والحکماء الإلهيين رغبتهم في إصابة هذه السعادة أعظم من رغبتهم في إصابة العادة البدنية ، بل کأنهم لا يلتفتون إلى تلک ، وإن أعطوها ولا يستعظمونها في جنبة هذه السعادة التي هي مقاربة الحق الأول على ما نصه عن قريب ، فلتعرف حال هذه السعادة والشقاوة المضادة لها ، فإن البدنية مفروغ عنها في الشرع ). (٢)
ولا شک أن التعبير بالمقبول فيه دلالة واضحة وصريحة على التقليد في الأمر ، بينما قد لا نستظهره من عبارته في بعض نسخ الشفاء ـ کما نقل ذلک البعض ـ حينما عبر فيها بدل کلمة المقبول بالمعلوم ، وفرق بين التعبيرين ، فان الأول ظاهر في التقليد ، والثاني ظاهر في التصديق ، وقد يکون هو مراده من العبارتين ، إلا أن برهانه العقلي على إثبات روحانية المعاد واستحالة جسمانيته ، يرجح الأول « التقليد ».
وإنّ بيان حقيقة الالتذاذ والتألم بعد الممات وعند قيام الساعة ، دليل لنا على طبيعة تمسک الشيخ الرئيس في ما ذهب إليه في کيفية المعاد في اليوم الآخر ، إلا أنّه
ــــــــــــــــ
١. ينبغي الالتفات إلى أن هذه العبارة قد تغيرت من کتاب إلى آخر من کتب الشيخ ابن سينا ، فالموجود في إلهيات الشفاء ، قوله [ المنقول : ] و في بعض النسخ من کتاب الشفاء وردت بلفظ [ معلوم ] کما نقل ذلک سيد جلال الدين الآشتياني في شرحه على زاد المسافر لملا صدرا ، ص ٧٢.
٢. الشيخ الرئيس ابن سينا ، النجاة ، ص ٢٩١.