أسس قواعدها أرسطو المعلم الأول ، ثم نضجت فکرة الجمع على يد شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي ، ثم ظهرت بعده في کلمات شمس الدين ترکة والمحقق الطوسي شارح کتاب الإشارات. (١)
والجدير بالذکر دن هذه المحاولة کانت تمثل مدى شجاعة صدرالمتألهين في خوض المخاطر ، وشاهد حي على مدى تبحره في العلوم الإلهية في کشف الأسرار التي عجز الکثير عن کشفها ، واثبات حقانيتها بالطرق والوسائل المتعبة آنذاک ، وکانت أخطر وأصعب عقبة هي مجازفة خاضها ملا صدرا تتمثل ببرهانه العقلي في مسألة المعاد الجسماني کما سيأتي بيانه بعد ذلک ، بينما کانت المسألة قبله متروکة للشرع من دون الخوض فيها عقلاً ، بل إن الکثير من المسائل التي طرحها أو کانت مطروحة قبله ولم تبرهن ، کانت تعد من المحظورات على الباحثين فيها ، قد مرت الفلسفة والعرفان في مرحلة ما محرمة من قبل بعض علماء الدين ؛ باعتبار أن الفلسفة لم تکن من مسائل الدين الإسلامي ، بل کانت دخيلة عليه من قبل الغرب ، فلذا تعد في عداد العلوم التي توجب الزندقة والکفر والضلالة للمسلمين ، وأما العرفان فأنه کان ينظر إلى نتائجه بأنها عبارة عن مجموعة خرافات وخيالات لا واقع لها ، ونهاية تضليل الناس وإبعادهم عن الحق والواقع الثابت بالشرع الإسلامي ، ولقد ذهب ضحية هذه الرؤية مجموعة من علماء الفلسفة والعرفان ، وخير شاهد على ذلک قتل العارف المتأله شيخ الإشراق شهاب السهروردي في حلب على يد ظاهر ابن صلاح الدين الأيوبي بأمر من أبيه بذلک ، بالرغم من معرفة الملک ظاهر ببراءته ، وإتباعه لشيخ الإشراق ، (٢) فضلاً عن إلصاق التهم المستندة على أساس عدم الفهم لمطالبهم ومسائلهم ، کما حصل لصاحب کتاب
ــــــــــــــــ
١. نقلاً عن : کمال الحيدري ، کتاب دروس في الحکمة المتعالية ( شرح بداية الحکمة ) ، ج ١ ، ص ٨٧.
٢. راجع : مجموعة مصنفات شيخ الإشراق ، ج ٢ ، مقدمة وتصحيح سيد حسن نصر ، ص ١٢ ، ٢٩ ، ٣٠ ؛ د. غلام حسين إبراهيمي ديناني ، فلسفة سهروردي ، مقدمة مؤلف ، ص ٦٥ ـ ٦٧ ؛ شمس الدين الشهر زوري ، حکمة الإشراق ، شرح ص ٢٦.