٢
المعاد الجسماني عند صدر المتألهين الشيرازي
تمهيد
بعد الأسلوب والمنهج العلمي الذي اتبعه صدر المتألهين في تحقيق مسائل الحکمة المتعالية ، نوعاً خاصاً به لم يکن متبعاً في الفلسفات الأخرى السابقة عليه ؛ لأنه کان يمثل أنجح محاولة قام بها فيلسوف إلهي في التاريخ الفلسفي الإسلامي ، نعم کانت هناک مجموعة من المحاولات للجمع والتوفيق بين الفلسفة من جهة ، والعرفان والکلام من جهة أخرى ، إلا أنها لم يحالفها الحظ مثلما حالف فيلسوفنا ملا صدرا ، فلقد کان العلامة الطباطبائي يذهب إلى أن أول محاولة للجمع بينها هي التي قام بها أبونصر الفارابي ، (١) ثم جاء بعده الشيخ الرئيس ابن سينا ، في مقامات العارفين من الإشارات في النمط التاسع ، (٢) حتى عده البعض في عداد الفريق الباطني المعتقد بالکشف والشهود ، (٣) ولا يصح جعله في عداد الفلاسفة المؤمنين بالاستدلال العقلي لأجل ذلک ، وليس بصحيح ، بل الجميع يراه شيخ الرؤساء للمدرسة المشاية التي
ــــــــــــــــ
١. راجع : محمد حسين الطباطبائي ، مجموعة مقالات ، ج ٢ ، ص ٦.
٢. راجع : الشيخ الرئيس ابن سينا ، کتاب الإشارات ، ص ٣٦٣ فما بعد.
٣. لاحظ : محمد عابد الجابري ، نحن والتراث ( قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي ) ، ص ٨٧ فما بعد.