ويجيبنا عن ذلک الأستاذ الشيخ جوادي آملي : ( إنّ الحکمة المتعالية وجدت کمالها في الجمع بين الأدلة : البرهان والعرفان والقرآن ، وإنه لا يوجد أي اختلاف بينها ، وإنما هي في توافق وانسجام تام ، نعم في مقام المقايسة الداخلية بين هذه الطرق الثلاث ، فإن المحورية الأصلية هي للقرآن ، والآخران يدوران حوله ، لا ينفکان عنه ). (١)
وقد يعترض علينا في هذا الجواب ، بأن الشيخ جوادي آملي هو أحد أتباع هذه المدرسة ، وطبيعي في التابع بأن يدافع عن مدرسته وعن منهجها ومؤسسيها ، فإن کان هناک دليل وشاهد موجود فليکن من مؤسسها ومبتکرها ، وفي جوابه نقول : نعم يوجد الدليل والصريح منه ; وهو ما جاء في کتابه العرشية حيث قال فيه : ( ختم ووصية ، يقول هذا العبد الذليل : إني أستعيذ بالله ربي الجليل في جميع أقوالي وأفعالي ومعتقداتي ومصنفاني من کل ما يقدح في صحة متابعة الشريعة التي أتانا بها سيد المرسلين وخاتم النبيين ) عليه وآله أفضل صلوات المصلين ( أو يشعر بوهن بالعزيمة والدين أو ضعف في التمسک بحبله المتين ؛ لأني أعلم يقينا أنه لا يمکن لأحد أن يعبد الله ـ کما هو أهله ومستحقه ـ إلا بتوسط من له الاسم الأعظم ، وهو الإنسان الکامل المکمل خليفة الله بالخلافة الکبرى في عالمي الملک والملکوت الأسفل والأعلى ونشأتي الأخرى والأولى ) ، (٢) وقال في موضع من کتابه الأسفار الأربعة : ( ... فلنذکر أدلة سمعية لهذا المطلب حتى يعلم أن الشرع والعقل متطابقان في هذه المسألة کما في سائر الحکميات ، وحاشا الشريعة الحقة البيضاء أن تکون أحکامها مصادمة للمعارف اليقينية الضرورية ، وتباً لفلسفة تکون قوانينها غير مطابقة للکتاب والسنة ). (٣)
ــــــــــــــــ
١. جوادي آملي ، رحيق مختوم ( شرح الحکمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ) ، القسم الأول من مج ١ ج١ ، ص ١٧.
٢. محمد بن ابراهيم الشيرازي ، العرشية ، ص ٢٨٥.
٣. صدرالدين الشيرازي ، الحکمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، ج ٨ ، ص ٣٠٣.