الإبهام ، بل هذا من مرتکزات کل عاقل ، فلذا أخذ هذا الارتکاز في نفس الشبهة ، فأن قوله : ( يتحلل منه ) ، وقوله : ( يطيع العبد ) ، صريح في أن هناک أمراً ثابتاً إليه تستند الجزئية ، وأنه لولاه لا معنى لصدق الجزئية ، ولا يشک ذو مسکة في أن ( زيداً ) الذي أکل خروفاً أو ضبياً فصارت أجزاؤها من جزاء بدن ( زيد ) لا أنه ضبي أو خروف ). (١)
ثم أنه أضاف قائلاً : ( والحاصل أن بدنية البدن تابعة للنفس ، فکل ما يتعلق به النفس هو بعينه بدنه ، فما ألطف قول الصادق ٧ في خبر الاحتجاج : « فينقل يعني البدن بإذن الله إلى حيث الروح ، (٢) حيث أشار ٧ بقوله إلى أن البدن تبع وشعاع للروح نحو تبعية الشعاع لذي الشعاع ، ومما ذکرنا يتبين معنى قوله : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) ، (٣) وقوله : ( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ المَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ ) ، (٤) انتهى. (٥) ويمکن أن يقال : إن هذا الفهم للحديث الشريف الوارد في کتاب الاحتجاج ، من سماحة آية الله المحمدي ، أنسب من فهم المدرس على الزنوزي ، حيث فهم الأخير منه حرکة البدن الانتقالية إلى حيث تکون الروح ، کما نقل عنه أنّه يقول : ( قوله ٧ إن الروح مقيمة في مکانها ، لعله أراد أن الروح لا يتحرک بذاتها وجوهرها إلى مقام نازل ارتفعت عنها بحرکتها الذاتية إلى مقام عال هو غاية حرکتها ، إذ الشيء لا يتحرک بجوهر ذاته حرکة ذاتية فطرية إلى بطلان ذاته ، أو کمالات ذاته اللائقة بذاته ، (٦) بل إنما تتحرک بذاته إلى کمال ذاته وجوهر فطرته وصلاح أمره في نفسه.
ــــــــــــــــ
١. محمد محمدي الگيلاني ، المعاد في الکتاب والسنة ، ص ١٥٨ ، ١٥٩.
٢. الطبرسي ، کتاب الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ٩٨.
٣. يس ، ٨١.
٤. الواقعة ، ٦٠ ، ٦١.
٥. المعاد في الکتاب والسنة ، ص ١٥٩.
٦. قال الحاج الميرزا أبوالحسن القزويني : ( والحاصل أن النفس الناطقة بعد بلوغها إلى کمالها الحاصلة في سنخ ذاتها وجوهر حقيقتها ، وبعد تحصيلها الکمالات اللائقة بجوهر وجودها لم يتنزل إلى مرتبة ارتفعت عنها ... إلى أن قال ، ـ ولا يمکن إلا من جهة حرکة البدن إلى حيث الروح ... ) ، نقله المؤلف في حاشية کتاب شرح بر زاد مسافر ، ص ٢٥١.