الشامل لجسم الإنسان ، إلا أنّ ملا صدرا وغيره أبطلوا هذه النظرية من أساسها ، وأثبتوا تجرد الإدراک ، وعليه فالتبدل والتغير الذي يطرأ على الخلايا الدماغية لا يؤثر على تلک المعلومات المخزونة في إحدى قوى النفس المجردة.
وقال صدرالمتألهين مجيباً عنه : ( والحق في جواب هذا الإشکال على ما مهّدنا من الأصول العشرة بعد فهمها وتحقيقها ، بأن العبرة في تشخص کل إنسان إنما هو بنفسه ، أما بدنه من حيث هو بدنه ، فليس له تشخص إلا بالنفس ، بل ليس له من هذه الحيثية حقيقة ولا ذات حتى يکون له في ذاته تعين بهذا الاعتبار وتوحد ، إلا بحسب ما يتصرف فيه ، أي نفسه ، وليس من شرط کون بدن زيد محشوراً مثلاً أن يکون الجسم الذي صار مأکولاً لسبع أو إنسان من حيث هو جسم معين له حقيقة لحمية أو عظيمة أو عصبية يحشر يوم القيامة ـ أي بهذا الاعتبار ـ بل المحشور ليس إلا بدن زيد ، أي جسم يکون بعدما انحفضت شخصيته ، بأنه بدن زيد ، وإن تبدلت جميع أجزائه في نفسها وذاتها لا من حيث أنها أجزاء بدن زيد بعينها ). (١) ثم أضاف قائلاً : ( إنما الاعتقاد في حشر الأبدان يوم الجزاء هو أن يبعث أبدان من القبور ، إن رأي أحد کل واحد منها يقول : هذا فلان بعينه ، وهذا فلان بعينه ، من غير شک وريب ، ويکون اعتقاده بأن هذا فلان بعينه اعتقاداً صحيحاً مطابقاً لما هو الواقع ، ولا يلزم من ذلک لأحد أن يعتقد أن مشوه الخلق من أهل الإيمان يجب أن يبعث مشوه الخلق ، والاقطع والاشل والأعمى وغيرهم يجب أن يبعثوا کذلک ، کيف وقد ورد في الأحاديث خلاف ذلک ). (٢)
أقول : وما أجمل ما قرره آية الله الحاج الشيخ محمد محمدي حيث يقول : ( و لکنک خبير بأن أساس الشبهة على مزعمة باطلة ، وهي زعم کون تشخص الشيء بمادته ، مع أن المقرر في محله أن التشخص کل شيء بصورته ، وأن المادة معتبرة لا على التعين ، وتشخص کل إنسان بنفسه التي هي صورة ، والبدن معتبر فيه على وجه
ــــــــــــــــ
١. المصدر السابق ، ص ٤٩٢.
٢. المصدر السابق ، وکذا في ، الأسفار ، ج ٩ ، ص ٢٠٠.