أحداهما : إنّ أصل الاعتقاد بها أمر فطري.
ثانيهما : هو تدخل السماء عن طريق بعث الأنبياء والرسل والمبلغين إلى کافة الناس لعموم قوله تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ). (١)
٣. وأما ما يتعلق ببيان حقيقة الإنسان المقصود بالخطابات والتکاليف الإلهية ، فإن الموافق للدليل العقلي والنقلي ، هو ما ذهب إليه الفلاسفة وبعض المفسرين وبعض المتکلمين من أهل التحقيق ، من أنها حقيقة جوهرية مجردة لا تفسد بفساد البدن وخرابه بعد قطع علاقة الروح منه ، وأما ما ذهب إلية بعض المحدثين کصاحب بحار الأنوار ، وبعض المتکلمين من علماء الإسلام ، بکونها حقيقة مادية جسمانية کثيفة أو لطيفة ، فإنها لا يمکن لها الدوام والبقاء وعدم الفساد ، وإن قال صاحب البحار ببقائها عن طريق تعلقها ببدن مثلي نوراني في عالم البرزخ ، ولکن لا دليل عقلي ولا نقلي على ذلک ، في الوقت الذي يؤدي بعض هذه الأقوال إلى نفي وجود عالم البرزخ بين عالم الدنيا وعالم الآخرة ، کالقائلين بکون المعاد جسمانياً فقط.
٤. وأما بالنسبة لمجموعة الأصول الموضوعية التي قدمنا البحث عنها في هذه الرسالة ، فإنها کانت نتيجة لبحث طويل حول إثباتها ، في الوقت الذي کانت تمثل حصيلة ما توصل إليه الفکر البشري في إثبات بعض المسائل ، ونحن باعتبار ذکرنا لها فإنا من جملة المؤمنين بها على أساس ما قدم من دليل عليها في محله ، لتشکل مبادئ أولية في بحثنا هذا.
٥. وأما ما تقدم البحث فيه عن اختلاف خصائص عالم الدنيا عن عالم الآخرة ، باعتبار أنّ کل واحد منهما عالم مستقل بذاته له قوانينه وشرائطه الخاصة به ، فإن ما ذکره صدرالمتألهين في التفريق بينهما لا اشکال فيه ، أنّه ثابت بالأدلة النقلية والعقلية ، وإلاّ عدّ عالم الآخرة دنيا أخرى ، وليس هو کذلک.
ــــــــــــــــ
١. فاطر ، ٢٤.