البدن والقول بعدم جواز إعادة المعدوم بعينه ، فأنّه جعل ماهية الإنسان المقصودة بالخطابات الإلهية والتي لها المعاد في اليوم الآخر ، هي النفس مع الأجزاء الأصلية في جسم الإنسان ، فإنّها مهما انتقلت هنا وهناک تبقى محافظة على أصليتها من دون أن تکون أجزاء فضلية ، أو أجزاء أصلية لموجود آخر ، وباعتبار أنّ الله صاحب القدرة المطلقة والعلم المطلق الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ، فإنه يجمع ذلک المتفرق ويعيده مرة أخرى من تلک الأجزاء الأصلية بدناً تتعلق النفس الباقية به ، فيکون زيد الأول عين زيد المعاد بلا تفاوت ولا اختلاف.
ولکنا في المقام قمنا بمناقشة أدلته التي قدمها لإثبات هذا الأمر ، إذ أن الأمر المادي مع التسليم ببقاء وجوده وعدم جواز انعدامه بشکل مطلق ومحض ؛ لأن ما يخرج إلى عالم الوجود ويصبح واجب الوجود بالغير ، فإنه يبقي کذلک ما دامت علته التامة الموجدة له باقية ، وإلاّ لجاز اجتماع الوجود والعدم ، وهو باطل ، ولکنا لا نسلم بثبات صورته النوعية ، فمثلا قطعة الخشب الموجودة لها صورة نوعية ، وهي الصورة الخشبية ولها وجود ، ولکن بعد تعرضها لشعلة نار قوية تؤدى إلى إحراقها وتحولها إلى رماد أسود ، فإن أصل الوجود لا يتغير ، ولکن الصورة النوعية للخشب قد تغيرت حتى أصبحت بعد ذلک صورة رمادية جديدة ، وهکذا تأخذ دورها في الطبيعية بتبدل الصور النوعية عليها من دون أن ينعدم أصل وجودها ، وعندئذ ما هو الضابط في کون أن بعض الأجزاء أصلية لا يطرأ عليها التبدل والتغير دون بعض ؟ وهل هناک دليل على إثبات هذا الأمر غير الرواية المروية عن النبي والامام الصادق ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) الواردة في بقاء العجب أو العجز بعد بلاء جميع أجزاء بدنه ، کما مرّ الکلام عنها ، والحال أنّ الثابت بالدليل الحسي والتجربي أنّ جميع أجزاء بدن الإنسان من دون استثناء ، بکونها أصلية أو غير أصلية ، خلايا في الدماغ أولم تکن خلايا لدماغ ، خلايا لفقرة العجز أو خلايا لغيرها ، فالتغير شامل وبصورة عامة لجميع أجزاء بدن الإنسان ، ثم أن التوفي لم يکن للأبدان بل للنفوس ،