مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ) ، (١) ولقوله تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً ) ، (٢) وغيرها من الآيات الواردة في هذا الصدد.
ولکنّ الذي حصل بعد رحيل أصحابها مما يؤسف له ، فلم تبق هذه الکتب على ما جاء فيها ، بل حرفت بواسطة بعض الأيادي ، فَفُقِدَ وغُيِرَ وبُدِلَ الکثير منها ، فلم تعد بعد ذلک مورداً للاطمئنان والاعتماد عليها ، وقد کتبت هذه الأسفار على مدى يربو على تسعة قرون ، وبلغات مختلفة اعتماداً علي التراث المنقول شفهياً ، کما بين ذلک المفکر الفرنسي الدکتور موريس بوکاي في دراسته للکتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ، فيقول : ( إنها صححت وأکملت أکثرية هذه الأسفار بسبب أحداث حدثت ، أو بسبب ضرورات خاصة ، وفي عصور متباعدة أحياناً ... ). (٣)
وکما لا يخفى أن تاريخ الأديان أشار إلى وجود نسختين من کتاب التوراة ، إحداهما مکتوبة باللغة العبرية ، والأخرى مکتوبة باللغة السومرية ، ويوجد بينهما اختلاف جوهري بالنسبة لمسألة المعاد والبعث والجزاء ، وقد قال عنهما الدکتور السقا : ( قد وجدنا التوراة التي بأيدي السومريين تختلف في بعض الآيات عن التوراة التي بأيدي العبرانيين ، ومن الآيات فيها النص على يوم القياة ، فهو في التوراة السامرية صريح للغاية ، وهو في التوراة العبرية يحتمل معنيين ، إما الجزاء في الدنيا ، وإما الجزاء في الآخرة ). (٤)
ــــــــــــــــ
١. آل عمران ، ٣ ، ٤.
٢. المائدة ، ٤٤.
٣. نقلاً عن : السيد هاشم الهاشمي ، مقالة في بحث الأديان والمذاهب ، ص ٢٠.
٤. الشيخ صديق حسن خان ، المنار ، تحقيق د. أحمد حجازي السقا ، ص ٦ ، ٧.