تفترق معها من حيث الطريق للوصول إلى إثبات الواقع ، وعلى هذا الأساس تعددت المدارس الفلسفية الإسلامية إلى مشائية وإشراقية وحکمة متعالية.
خلاصة الکلام
يمکننا أن نلخص ما تقدّم من أبحاث في الفصل السابق في النقاط التالية :
أولاً : أتضح لنا من أبحاث المسألة الأولى التي تعلق البحث فيها بالتعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي لکلمة المعاد ، أن الأصل اللغوي لهذه الکلمة هو المرجع والمصير ، على وزن مفعل ، أي معود ، مأخوذ من العود ، يطلق على المعنى المصدري فيعني العود والرجوع ، وعلى زمان العود ، فيکون اسم زمان ، کما يطلق على مکان العود ، فيکون اسم مکان ، هذا فيما إذا أُخِذَ بالفتح ، وأما لو أُخِذَ بالضم ، فإنه يراد به نفس الشيء الذي يقع متعلقاً للرجوع والعود ، وهذا هو محل تعلق بحثنا في هذه الأطروحة.
وأما بالنسبة لتعريف المعاد في الاصطلاح الفلسفي والکلامي ، فإنه تابع في الأصل إلى ما يتبناه المتکلم والفيلسوف من رأي في هذه المسألة ، فالشيخ الرئيس عرفه بتعريف يتناسب مع مبناه الفلسفي في تحقيق المسائل ويختلف عمّا انتهى إليه من رأي في هذه المسألة بالذات ، فتعريفه يتفق مع القول بالمعاد الروحاني دون المعاد الجسماني الذي قال به في نهاية البحث ، تعبداً بالشرع المقدّس ، فقال فيه : ( إنه الحال الذي کان عليه الشيء فيه ، فباينه ، فعاد إليه ، ثم نقل إلى الحالة الأولى أو إلى الوضع الأول الذي يصير إليه الإنسان بعد الموت وانفصل عنه قبل الحياة الأخرى ) ، (١) وبالتدبر والتأمل في هذا الکلام نجده يتناسب مع القول بأن المعاد روحاني فقط ، وهو ما توصل إليه عن طريق البحث العقلي دون البحث الشرعي.
ــــــــــــــــ
١. لاحظ : د. عاطف العراقي ، النزعة العقلية في فلسفة ابن رشد ، بهامش ص ٢٩٣.