أولاً : إنّ الرسالة المحمدية هي خاتمة الرسائل السماوية ، وعليه فينبغي عليها أن تکشف الحجاب عن کل مستور.
ثانياً : إنّ أمة محمد ٩ هي آخر الأمم الوارثة لعلوم الأمم السابقة ، وينبغي عليها أن تصل إلى کمالها المطلوب لها ، بل يجب أن تصل إلى أعلى مراتب الکمال الإلهي ، وهذا يتوقف أولاً على معرفة الواقع بشکل جلي ، وثانياً على تطبيق ما علمته ، بعبارة أخرى : يجب أن تکون لديها نظرة کونية دينية شاملة للعالم بما فيه من مراتب وجودية ، وعندئذ ينعکس هذا الأمر على أيدلوجيتها التي ينبغي القيام بها. ولا يتحقق هذا الأمر مع وجود بعض المعارف المجهولة عن ما يتعلق بشأن من شؤون الإنسان.
ثالثاً : إنّ غرض القرآن الکريم من عرض هذه الأمور وتعريفها للمسلمين ليس فقط تحقيق السعادة الأخروية ، بل ما لم تتحقق للمسلم السعادة الدنيوية الواقعية التي سعى الإسلام لإيجادها للفرد المسلم لا تتحقق السعادة الأخروية ، ولا تتحقق السعادة الدنيوية للإنسان ما لم يتحرر من قيوده بشکل عام ، ومنها قيود الشهوة والغضب والرغبات النفسية ، ولا يتحقق هذا الأمر إلا من خلال الوعد بالثواب والوعيد بالعقاب ، ومسألة المعاد تفصح عن ذلک ، فهي خير باعث إلى فعل الخير والصلاح وأحسن رادعٍ عن المعصية والفساد.
رابعاً : باعتبار دورها الکبير في تهذيب النفس الإنسانية وتربيتها التربية الصحيحة ، وبناء الشخصية الإسلامية بالشکل الذي يوافق حرکتها الجوهرية التکاملية للوصول إلى کمالها المنشود الذي يتناسب مع مرتبة التوحيد المطروحة في الدين الإسلامي ، کما جاء في قوله تعالى : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ ) (١) وقوله تعالى : ( قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ). (٢)
ففي الوقت الذي أولى فيه القرآن الکريم الاهتمام الکبير بهذه المسألة ، فأنا لا نجد في المقابل اهتماماً کهذا من قبل علماء المسلمين ، بل کل ما کتب فيها لا يتعدى
ــــــــــــــــ
١. الإخلاص ، ١ ، ٢.
٢. النجم ، ٩.