بعض الأسطر ، أو بعض الصفحات ، في الوقت الذي يجب عليهم أن يبحثوا فيها بالمقدار الذي يتناسب مع عظمها وخطورتها ، نعم نحن لا ننکر ما کتب فيها من أبحاث تفسيرية ، أو روائية ، أو أبحاث کلامية ، وفلسفية ، إلا أن أغلبها مبني على التسليم بما جاء به الشرع المقدّس ، من دون بذل الجهد المطلوب في تحقيقها وبحثها على أساس البرهان العقلي ، والاستدلال المنطقي ، سوى بعض العلماء المعدودين بالأصابع ، ولم يوفق أکثرهم في إثباتها بالشکل الذي طرحه القرآن الکريم ، ما عدا صدر الأعاظم صدرالمتألهين ، الذي توصل إلى إثبات عقلانيته ، بناءً على مجموعة أصول فلسفية قد تبناها في فلسفته ، وسيأتي الکلام عن ذلک مفصلاً فيما بعد.
وقد يعود الأمر في ذلک إلى جملة أسباب کالأمور التالية :
الأول : الاتکال على ما جاء به الشرع المقدّس مفصلاً. والإحساس بعدم الفائدة من تکرار البحث فيها ، خصوصاً عند احتمال عدم الإتيان بأکثر مما جاء به الشرع.
الثاني : طبيعة التسليم بالشرع المقدّس تقتضي عدم السؤال عما جاء به ، والبحث وراءه.
الثالث : غيبية هذه المسألة باعتبار أنها تتعلق بالمستقبل ، والعقل لا يدرک ما هو خارج دائرته ومجال حکمه ؛ لأن المطلوب منه الحکم التام بما يتعلق بکل خصوصياتها بنحو التفصيل ، وهذا مما هو خارج عن مجال حکمه.
الرابع : جزئية المسألة ، باعتبار أن البحث عن کيفية المعاد تخرجه عن مورد حکم العقل ؛ لأن دائرة حکم العقل الأمور الکلية لا الجزئية.
الخامس : الانشغال بالمسائل الخلاقية کمسألة الإمامة ، والدفاع عن الدين الإسلامي من خلال دفع الشبهات والإيرادات الواردة عليه من الداخل والخارج والتي من أعظمها ما يتعلق بالتوحيد والنبوة الخاصة والإمامة.
السادس : الانشغال بالأبحاث الفقيهة والأصولية ، باعتبار أنها مورد الحاجة