قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا ) ، (١) وقال أيضاً : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ المَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، (٢) وقال أيضاً : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ). (٣)
لو نظرنا فيها نظر المتأمل والمتدبر لوجدناها تتحدث عن أمرين مهمين ، وهما :
الأول : تتحدث هذه الآيات عن خلق السموات والأرض بما فيها من موجودات مرئية وغير مرئية ، قد نالتها المعرفة الإنسانية أو لم تنلها بعد لحد الآن.
الثاني : حديثها عن الإنسان بما ينطوي عليه من معالم الخلقة والإعجاز ، ولکن مع ذلک کله جعله الحق تعالى أقل شأناً من خلق السموات والأرض ، کما مرّ ذکره في هذه الآية : ( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ). (٤)
وقد اختلف في تعريف القدرة بعد التسليم بإطلاقها وعدم محدوديتها بأي نحو من الحد والتقييد ، فقد قال المتکلمون في تعريفها : ( بصحة الفعل والترک ) ، (٥) وإن شئت قلتَ : ( إمکان الفعل والترک ، وکون نسبتها إليه على السواء ) ، (٦) بينما عرفها الفلاسفة ب : کونه إذا شاء فعل وإذا لم يشأ لم يفعل ، ولکنه شاء وفعل ) ، (٧) ولسنا هنا في مقام تبيين ما هو الحق من هذين القولين ، وإنما نوکله إلى محله.
ولقد علقَّ العلامة الطباطبائي في ذيل الآية : ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) (٨) بقوله : ( هذه الآية إلى تمام الخمسة من کلامه واقعة في بيان القصة التي تقيم الحجة على المعاد ، وترفع استبعادهم له بما تقدم من حيث
ــــــــــــــــ
١. الأسراء ، ٩٩.
٢. الأحقاف ، ٣٣.
٣. يس ، ٨١.
٤. غافر ، ٥٧.
٥. عبد الهادي الشيرازي ، شرح المنظومة ، ص ١٧٢.
٦. العلامة الحلي ، حاشية السبحاني على کتاب کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، قسم الإلهيات ، ص ١٠.
٧. الحاج ملا عبدالهادي السبزواري ، شرح المنظومة ، ص ١٧٢.
٨. العنکبوت ، ١٩.