يوميين في المحافل والمساجد ، وأنفق عليهم من مال الدولة. قال الليث بن سعد : «وأما قصص الخاصة فهو الذي أوجده معاوية ، ولى رجلاً على القصص فإذا سلم من صلاة الصبح جلس ، وذكر اللّه عز وجل ، وحمده ومجده ، وصلى على النبي صلىاللهعليهوآله ، ودعا للخليفة ، ولأهل بيته ، وحشمه وجنوده ، ودعا على أهل حربه ، وعلى المشركين كافةً» (١).
وعن طريق هذه المؤسسات آمن الناس إيمانا غيبيا بالحكم الأموي وبحرمة الثورة عليه ، وإن خرج عن حدود الدين الذي هو المبرر الوحيد لوجوده. ولقد عملت هذه المؤسسات عملها ، وأعطت ثمارها الخبيثة في صورة تسليم تام ، وخضوع أعمى للحكم الأموي مهما اقترف من مظالم ، وهذه بعض الشواهد على ذلك من ثورة الحسين نفسها :
فهذا ابن زياد يقول للناس في خطبته التي خذّل فيها عن مسلم بن عقيل :
«اعتصموا بطاعة اللّه وطاعة أئمتكم» (٢).
وهذا عمرو بن الحجاج الزبيدي ـ من قادة الجيش الأموي في كربلاء ـ صاح قائلاً حين رأى بعض أفراد جيشه ينسلون إلى الحسين ، ويقاتلون دونه :
«يا أهل الكوفة ، الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين ، وخالف الإمام» (٣).
__________________
(١) فجر الإسلام : ١٥٨ ـ ١٦٠.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٢٧٥.
(٣) تاريخ الطبري ٤ : ٣٣١.