وقد كان حريا بهذه العقيدة ـ إذا عمت جميع طبقات المجتمع ، واستحكمت في أذهان الناس دون أن تكافح ودون أن يظهر في الناس من يفضح زيفها وبعدها عن الدين ـ أن تقضي تماما على كل محاولة مقبلة يراد منها تطوير الواقع الإسلامي ، وتقويض أركان الحكم الفاسد الذي يمارسه الأمويون وأعوانهم ، وكلما تقدم الزمن بهذه العقيدة دون أن تجد مناوئا تزداد استحكاما وتأصلاً في النفوس كما نجده اليوم في بعض النفوس العفنة التي لا زالت إلى الآن تتغنى بسيرة الشجرة الملعونة في القرآن الكريم ، وذلك كفيل في النهاية بحمل المجتمع على مناوئة كل حركة تحررية.
لقد كان أضمن السبل لتحطيم هذا الإطار الديني هو أن يثور عليه رجل ذو مركز ديني مسلّم به عند الأمة المسلمة بأسرها ، فثورة مثل هذا الرجل كفيلة بأن تفضح الزخرف الديني الذي يتظاهر به الحكام الأمويون ، وأن تكشف هذا الحكم على حقيقته ، وبعده الكبير عن مفاهيم الإسلام. ولم يكن هذا الرجل إلاّ الحسين عليهالسلام. فقد كان له في قلوب المسلمين رصيد من الحب والإجلال عظيم ، وقد رأيت مصدق ذلك عند الحديث عن إقامته في مكة ، ثم عند الحديث عن خروجه منها إلى العراق.
ولقد زاد الحسين عليهالسلام حراجة مركزهم حين لم يصر على القتال .. لقد طلب من الحر بن يزيد ـ وهو أول قائد أموي واجه الحسين بألف محارب ـ أن يتركه ليرجع من حيث أتى ، فلم يجبه الحر إلى ذلك. وكانت الأوامر تقضي عليه ألا يفارق الحسين حتى يقدمه الكوفة إلى زياد. ومن نافلة القول ان نذكر