الدولة القائد الجريء فلا يضيع من وقته يوما واحدا ، بل يمضي متوغلاً إلى قلونيه البعيدة الحصينة المتأبية ، ويستعظم بعض قواد سيف الدولة الأمر ، ويكادون يثنونه عن هذه المخاطرة ، ولكن الأمير الجريء العنيد يجيبهم قائلاً : لست أقلع عن قصد هذه المدينة ، فإما الظفر وأما الشهادة ، وينطلق الأمير إلى هناك يفتحها ويحرق رساتيقها ويكتب إلى ملك الروم من هناك مستهزءا به وبمنعة بلاده ، وبعد أن يشبع سيف الدولة في نفسه هواية الفتح والظفر والانتصار يعود بجيشه إلى بلاده فيحاول الدمستق أن يتحرش به على رأس جيش كثيف ، فيوقع به سيف الدولة ، ويقتل من الجنود البيزنطيين مقتلة عظيمة ، ويصل بجيشه سليما إلى أرض العرب بعد أن أوقع بالروم الفزع والرهبة ، وبعد أن توغل في بلادهم مسافات لم يدخلها أحد قبله ، وبعد أن أسقط من مدنهم أكثرها حصانة وأشدها منعة.
ومجمل القول أن سيف الدولة يقف موقف المتحفز ثم يفكر مليا ولا يلبث أن يقتطع لنفسه ملكا يخلد به على الزمان.
وفي سنة ٣٣٢ هـ تقرر بين توزون أحد قواد الخليفة وبين ناصر الدولة الحمداني أن يكون للأول أعمال البصرة وما إليها وللثاني الموصل وأعمال الشام.
وفي سنة ٣٣٣ هـ سار الأخشيد إلى مصر وولى حلب أبا الفتح عثمان بن سعيد الكلالي فحسده إخوته الكلاليون واستدعوا سيف الدولة عليا بن حمدان ليولوه على حلب فقدم إليها سيف الدولة بالاتفاق مع أخيه ناصر