يملأ أحد منه عينيه غيره ، وصار ما جمعه منه على طرف لسانه يحاضر منه ويستشهد به.
وكان من نجوم هذه الندوة اللامعين؛ أبو نصر الفارابي ، الذي لقب في الفلسفة بالمعلم الثاني.
وكان سيف الدولة أديبا بفطرته ، وقد نمى هذه الهواية بتلمذته على ابن خالويه الذي كان يعتبر مؤدب أمراء بني حمدان ، وكان قصره يضم مكتبة كبيرة زاخرة بأسباب المعرفة وأدوات الاطلاع ، وكان أمين مكتبته الشاعر البارع أبابكر الصنوبري ، ومن بعده تولاها الشاعران الأديبان أبوبكر وأبو عثمان الخالديان ، اللذان قدما للمكتبة العربية بفضل وظيفتهما في مكتبة سيف الدولة عدة كتب ، أهمها : الديارات ، وحماسة الخالديين ، والمختار من شعر بشار وغيرها. وكثيرا ما كان الأمير يستفسر من علماء اللغة المحيطين به عن مسائل بعينها فينتشر الجميع في أرجاء المكتبة باحثين منقبين حتى يمدوه بما طلب من معلومات.
كان مجتمع حلب أكثره على مذهب أبي حنيفة النعمان ، وبعضه الآخر كان شافعي المذهب.
ولكن ما يلبث الحمدانيون أن يمتلكوا حلب وكانوا شيعة ، فحافظ المجتمع في أول الأمر على عقيدته السنية ثم غلب التشيع على حلب وغيرها ، مع بقاء الكثير من السنيين ، ومما هو جدير بالذكر أننا لم نسمع عن مشاحنات جرت بين السنة والشيعة في حلب مثل التي جرت في أمصار