الجعفري يومذاك لشيخ الامة وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان الشهير بالشيخ المفيد ، فلازمه ملازمة الظل ، وعكف على الاستفادة منه ، وأدرك شيخه الحسين بن عبيداللّه ابن الغضائري المتوفى سنة ٤١١ ، وشارك النجاشي في جملة من مشائخه.
وكان للمفيد والمرتضى أثر كبير في تكوين ذهنية الشيخ الطوسي وثقافته. وكان في هذه الفترة يعيش تجربة تطوير البحث الفقهي والأصولي في ظل أستاذيه الكبيرين ، وكانت فترة مخاض تمخضت عنها المدرسة الفقهية الجديدة. التي تولّى زعامتها بعد وفاة أستاذه السيد المرتضى سنة ٤٣٦ هـ.
انتقل الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف سنة ٤٤٨ حينما كُبس على داره ببغداد وبقي في النجف حتى وفاته سنة ٤٦٠ هـ (١).
لقد اتيح للشيخ الطوسي أن يبلغ بالمدرسة ، التي فتح أبوابها أستاذه المفيد والمرتضى ، إلى القمة ، ويفرض وجودها على الأجواء الثقافية في بغداد وفي العراق عامة. حتى أن الخليفة القائم بأمر اللّه بن القادر باللّه جعل له كرسي الافادة والبحث ، ونصبه لهذا المكان الرفيع ، وكان لكرسي الافادة والكلام مقام كبير يومذاك ببغداد.
وفي بيان دور الشيخ الطوسي في الفقه وأصوله يقول السيد الخوئي أحد أبرز فقهاء عصره : «إنّ الشيخ الطوسي لم يكن وجوده ودوره على الخطّ
__________________
(١) المنتظم ٨ : ١٧٩.