ثمّ إنّ المقام من قبيل القسم الثالث ، أي يصحّ نقله وإسقاطه ، وذلك لأنّ طبع الحقّ يقتضي جواز الإسقاط والنقل ، لأنّ ذا الحقّ مالك للأمر ومتسلّط عليه ، وهذا يقتضي كون زمام الأمر بيده من الإبقاء والإسقاط ، ولو منع مورد من الإسقاط فلأحد أمرين :
أ . ورود دليل شرعي مانع عن الإسقاط كما في حقّ الحضانة .
ب . قصور في كيفية الجعل ، كما هو الحال في حقّ التولية في الوقف ، وحقّ الوصاية في الوصية ، فانّ الواقف أو الموصي جعل شخصاً خاصّاً مورداً للحقّ فلا يتعدّى عنه ، وهكذا الولاية فإنّها ثابتة لشخص خاص لأجل مؤهّلات خاصّة توفّرت فيه دون سائر الناس فلا يتعدّى عنه .
وأمّا المقام فالأمران منتفيان فيه ، فليس هناك منع شرعي من الإسقاط والنقل ، كما أنّه ليس هناك قصور في الجعل ، إذ لا يشترط في ثبوت الخيار خصوصية في ذي الخيار سوى الشروط العامة .
وبذلك يُصبح خيار الغبن من الحقوق القابلة للإسقاط .
فإذا ثبت أنّ خيار الغبن من الحقوق القابلة للإسقاط ، يقع الكلام في أنواع مسقطاته ، وهي على أقسام نشير إلى ثلاثة منها عاجلاً ، ثمّ نشير إلى القسم الرابع بعد الفراغ عنها :
الأوّل : الإسقاط في متن العقد .
الثاني : الإسقاط بعد العقد وقبل ظهور الغبن .
الثالث : الإسقاط بعد العقد وبعد ظهور الغبن .
وطبيعة الحال تقتضي البحث فيها بالترتيب ، إلّا انّا آثرنا تقديم البحث في الصورة الثالثة باعتبارها أوضح من الصورة الثانية ، وهي بدورها أوضح من الصورة الأُولى .