العقلي. (١)
وإن قال بأنه عاصم له من الوقوع في الخطأ ، فقد ناقض نفسه بنقضه لتفسيره لهذه الآية! فأي عصمة هذه التي جعلت ذات الرسول مرتعاً لتلاعب الشيطان؟! ولا ينفعه الادعاء بأنه لم يشر إلا لشيء ما يخطر في البال ولكنه لا يثبت في النفس ، بل يطفو على سطح بعض الممارسات ثم ينتهي بشكل حاسم! لوضوح ان ما جاز قليله أمكن كثيره. فلا تغفل!!
ويجرنا هذا الحديث إلى مساءلته عن طبيعة دور هذا الوحي العاصم ، وسنجد انه يبرر ذلك بتبني فكرة «جبرية العصمة» الذي نلاحظ في البداية غربتها التامة عن الفكر الإمامي ، وفي هذا الصدد تسمعه يقول : المعصوم ينطلق بارادته نحو الطاعة ، ولكن إذا أراد أن يعصي فإن الله يعصمه في ذلك عندما تتوفر له ظروف المعصية فإن الله يخلق له حواجز تصده عن هذه المعصية. فليس معنى العصمة انه هنا لا يملك الاختيار بل هو يملك أن يفعل ، ولكنه عندما يتوجه الضعف البشري في نفسه ، فإن الله يتدخل ، فالله قد يعصمه من ناحية داخلية ، وقد يعصمه من ناحية خارجية ، لذلك فإن الحتمية التي نقول بها لا تسلب عنصر الاختيار ، لأن الحتمية إنما تأتي في الجانب السلبي فهو يندفع إلى الطاعة بكل ارادته وبكل إيمانه وبكل معرفته بالله ، ولكن إذا انطلقت نقاط الضعف البشري في نفسه ، فإن الله يعصمه منها إما بطريقة وقائية بأن يزرع في نفسه ما يعتصم به ، أو أن يحدث هناك شيئاً يعصمه من الوقوع في الخطأ ، بحيث ينطلق فيه بشكل ارادي. (٢)
____________________
(١) انظر رده على جواب الشيخ التبريزي (أيده الله بتأييداته) على سؤالنا الثالث في مجموعة ردوده الصادرة في ١١ / ج٢ / ١٤١٧ ص ٢.
(٢) فقه الحياة : ٢٧٢ ، وفي رحاب أهل البيت : ٤٠٨.