ثالثاً : الاتجاه الروائي البخاري نموذجاً
عملت الحكومات التي تعاقبت بعد رحيل الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم على منع تدوين الحديث والسنة النبوية ، واستمر هذا العمل إلى أيام حكم عمر بن عبد العزيز ، ولم يشذ من هذا التاريخ إلّا فترة وجيزة كانت فترة فتن وحروب داخلية هي التي وسمعت عهد أمير المؤمنين عليهالسلام ، وتخللت مراحل حكم هذه الحكومات عملية تقنين ورقابة حكومية صارمة لطبيعة ما يروي أولاً ، مع تشجيع حكومي متعمّد اتخذ صوراً متعددة على الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثانياً ، وأحكم هذا الطوق بثالثة الأثافي حينما راحت أجهزة هذه الحكومات تعمل على الإمساك بأجهزة الدعاية ، وقد مرّ بنا سابقاً عمل أبي بكر على تحريق كتب الحديث ، وقد سار عمر وعثمان على منواله ، حتى إذا جاء عهد معاوية كانت السياسة المتبعة هي ما يرويها ابن أبي الحديد المعتزلي نقلاً عن أستاذه أبي جعفر الاسكافي إذ قال : إن معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليهالسلام ، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله : فاختلفوا ما أرضاه ، منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير. (١)
____________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ : ٦٣.