أحدهما : إنّ المراد بها العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضاً فيها على النصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمهم ، أو بغاهم سوءاً ، وذلك هو معنى الحلف عن ابن عباس ...
وثانيها : انّها العهود التي أخذ الله سبحانه على عباده بالإيمان وطاعته فيما أحلّ لهم أو حرّم عليهم ، عن ابن عباس أيضاً. وفي رواية أخرى ، قال : هو ما أحلّ وحرّم وما فرض وما أخذ في القرآن كلّه ، أي فلا تتعدوا فيه ولا تنكثوا ...
وثالثها : إنّ المراد بها العقود التي يتعاقدها الناس بينهم ، ويعقدها المرء على نفسه كعقد الأيمان وعقد النكاح وعقد العهد ...
ورابعها : إنّ ذلك أمر من الله لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق نبيّنا وما جاء به من عند الله ...
وأقوى هذه الأقوال قول ابن عباس : إنّ المراد بها عقود الله التي أوجبها الله على العباد في الحلال والحرائم والفرائض والحدود ، ويدخل في ذلك جميع الأقوال الأخرى ، فيجب الوفاء بجميع ذلك إلاّ ما كان عقد في المعاونة على أمر قبيح فإنّ ذلك محضور بلا خلاف » (١).
وأيضاً عنه اعتذار عمّا روي من قول ابن عباس : « أقرأوا بما آمنتم به ، فليس له مثل ، وذلك في قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ
____________
(١) مجمع البيان ٣ / ٢٥٩.