« مناهل العرفان » ـ بتحفظ على بعض ما فيه ـ :
« كل ما روي عن ابن عباس في تلك الشبهات يمكن دفعه ، علماً بأنّ ابن عباس قد أخذ القرآن عن زيد بن ثابت وأبيّ بن كعب ، وهما كانا في جمع المصاحف ، وزيد بن ثابت كان في جمع أبي بكر أيضاً ... وابن عباس كان يعرف ذلك ويوقن به ، فمحال إذن أن ينطلق لسانه بكلمة تحمل رائحة اعتراض على جمع القرآن ورسم القرآن.
وإلا فكيف يأخذ عن زيد وأبيّ بن كعب ثم يعترض على جمعهما ورسمهما ...؟ » (١).
أقول : وأقوى دفعاً من هذا ، إنّ ابن عباس فيما روى عنه السيوطي في « الإتقان » (٢) نقلاً عن أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم واللفظ له ، كما في « المستدرك » قال ابن عباس : « قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ) ووضعتموها في السبع الطوال ، فما حملكم على ذلك؟
فقال عثمان : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممّا يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد ، قال : وكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له فيقول : « ضعوا هذه في السورة التي فيها كذا وكذا » ، وكانت
____________
(١) مناهل العرفان ١ / ٣٨٥.
(٢) الإتقان ١ / ٦٢.