في أوّل هذه الحلقة سنخ ذلك في منابع معارفه ، وهذا ما لا ينبغي أن نعيده ، كما إنّا لا نغفله ، فهو جزء من سيرته العلمية والعملية حين يتحدث هو عنها ، ويسمعها الرواة منه فيتحدثون بها ويتعلمون منها هم أوّلاً ثم السامعون لها ثانياً.
أليس من يروي لنا قوله في فضل طلب العلم : « تدارس العلم ساعة من الليل خير من إحيائها » (١). فهو ممن وعاها فضيلة ، وعمل بها فدعا إلى العمل بها.
ولمّا كان تدارس العلم إنّما يكون في المرحلة الثانية من مراحل الطلب ، إذ كيف تكون المدارسة ما لم يحصل قبلها الدرس. إذن فلنقرأ ما جاء عنه قولاً وعملاً في ذلك :
وأوسع ما وقفت عليه هو ما في كتب الخطيب البغدادي ، فقد ذكر الخطيب الغدادي في كتابه « تقييد العلم » جانباً عن ابن عباس في ذلك ، وفي كتابه « الكفاية » أيضاً ، ولم يقصّر في كتابه « الفقيه والمتفقه » في تناول بعض الجوانب ممّا يمت إلى الموضوع بصلة ، وحتى كتابه « الرحلة في طلب الحديث » لم يخل عن ذكر ابن عباس في روايته وإحتياطه في النقل ، وكذلك كتابه « موضح أوهام الجمع والتفريق » ، وكتابه « الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة » ، فضلاً عن
____________
(١) سنن الدارمي ١ / ١٤٩.