كتابه « تاريخ بغداد » ، لم تخل كلّها من إفادات فيما نحن فيه أخذناها منها. وستكون هي مصادرنا الأولية في موضوعنا ، وقد نذكر بعض كتب الآخرين ممّا يمدّنا بمعلومة جديدة ، أو يؤيد معلومة سابقة. ولا حرج في ذلك.
ولنبدأ بتأديبه لأشهر تلامذته وهو عكرمة البربري الخارجي ـ كما كان هو أعقّهم لمولاه حيث صار يكذب عليه بعد موته ـ ، فقد ذكر الخطيب في كتابه « الفقيه والمتفقه » بسنده عن عكرمة قال : « كان ابن عباس يجعل الكبل في رجلي على تعليم القرآن والفقه ». قال أبو النعمان : على تعليم القرآن والسنة (١).
وذكر الخطيب في كتابه « موضح أوهام الجمع والتفريق » بسنده عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « حدّث القوم في كلّ جمعة مرّة ، فإن أبيت فمرتين ، فإن أكثرت ـ وقال مرّة أخرى : فإن أبيت ـ فثلاثاً ، ولا تملنّ الناس ، ولا ألفينّك تأتي القوم وهم في حديثهم فتقصّ عليهم فتقطع عليهم حديثهم ، ولكن أنصت ، فإذا أتوك فحدثهم وهم يشتهونه ، وأنظر السجع من الدعاء فاجتنبه ، فانّي عهدت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأصحابه يجتنبونه » (٢).
فهذه الإضمامة من النصائح بينّت لنا جانباً مهمّاً عن كيفية التحديث والإلقاء.
____________
(١) الفقيه والمتفقه ١ / ٤٧. وروى ذلك الدارمي في سننه ١ / ١٣٤.
(٢) موضح أوهام الجمع والتفريق ١ / ١٩٨.