ولنقرأ شيئاً عن أدب التلقي ممّا رواه الخطيب في كتابه « الفقيه » ، قوله : « إذا سأل أحدكم فلينظر كيف يسأل ، فإنّه ليس أحد الاّ وهو أعلم بما سأل عنه من المسؤول » (١) ، وطالما تحدث عن بداية طلبه الحديث بعد موت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد مرّ الحديث في ذلك في الحلقة الأولى ، الجزء الأول ، فراجع.
ومنه قول ابن عباس لسعيد بن جبير ـ وهو من الأوفياء لأستاذه ـ قال : « تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم ، فإنّه ليس مثل القرآن مجموع محفوظ ، وانّكم إن لم تذاكروا هذا الحديث ينفلت منكم ، ولا يقولنّ أحدكم حدثتُ أمس فلا أحدّثَ اليوم ، بل حدّث أمس ، ولتحدّث اليوم ، ولتحدّث غداً » (٢).
وقوله الآخر أيضاً رواه سعيد بن جبير ، قال ابن عباس : « ردّوا الحديث واستذكروه فإنّه إن لم تذكروه « كذا والصواب تذاكروه » ذهب ، ولا يقولن رجل لحديث قد حدّثه مرّة ، فانّه من كان سمعه يزداد علماً وتُسمع من لم يسمع » (٣).
ولمّا كان تلامذته مختلفي السنّ والمدارك ، ومتفاوتي الأغراض ، لذلك كلّ وعى ما ساعده التوفيق على وعيه من علم ابن عباس ، أمّا الذين
____________
(١) الفقيه والمتفقه ٢ / ١٨٣.
(٢) سنن الدارمي ١ / ١٤٧.
(٣) نفس المصدر.