أمير المؤمنين عليه السلام : « ما من شيء إلاّ وعلمه في القرآن ، ولكن عقول الرجال تعجز عنه » (١). ولمّا كان ابن عباس هو تلميذ الإمام عليه السلام وعنه أخذ تفسير القرآن ، بعد أن كان قد تعلّمه على عهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تنزيلاً فحفظ المحكم منه وهو ابن عشر سنين ، وتعلمّ منه تأويلاً وهو بعد فتى يافع ، كما في حديثه الذي أخرجه ابن جرير في تفسيره ، وعنه السيوطي في « الدر المنثور » ، وعنه رواه صاحب « تفسير الميزان » ، وإليكم الحديث كما يلي :
« قال ابن جرير : حدثني محمد بن إبراهيم السلمي ، قال : ثني يحيى ابن محمد بن مجاهد ، قال : أخبرني عبيد الله بن أبي هاشم الجعفي ، قال : أخبرني عامر ابن واثلة ، قال : قال ابن عباس : كنت ردف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « يا ابن عباس : إرض عن الله بما قدّر ، وإن كان خلاف هواك ، فإنّه مثبت في كتاب الله » ، قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأين؟ وقد قرأت القرآن؟ قال : « في قوله : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢) » (٣).
فمن كان بهذه المثابة من الفهم والإدراك فيقول للرسول صلى الله عليه وآله وسلم : فأين وقد قرأت القرآن؟ فلا غرابة لو صححنا نسبة البيت الذي نسبه إليه صاحب تاريخ القرآن.
____________
(١) ينابيع المودة / ٤١٢ ط استنابول.
(٢) البقرة / ٢١٦.
(٣) تفسير ابن جرير ٢٥ / ٣٢٦ ، الدر المنثور ١ / ١٨٨ ط البابي الحلبي ، تفسير الميزان ٢ / ١٨٨.