ولا غرابة لو قال كلمته السابقة : « لو ضاع لأحدكم عقال بعير لوجده في القرآن » (١).
ولا غرابة لو قرأنا عنه بعض تلكم التأويلات التي كان يختص بها دون غيره ، بلحاظ تلك الجامعية التي تميّز بها في معرفته بالقرآن معنى ومبنى ، وفهما وحكما ، إذ كان يرى في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (٢) ، بأنّ الحكمة هي المعرفة بالقرآن.
وعلى هذا المعنى رووا عنه ، كما في تفسير الطبري : « والحكمة المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدّمه ومؤخّره ، وحلاله وحرامه ، وأمثاله » (٣).
كما لا غرابة أيضاً في قول من قال : « أنّه أوّل من أملى في تفسير القرآن » (٤).
فقد أخرج الطبري في تفسيره بسنده عن ابن أبي مليكة ، قال : « رأيت مجاهداً يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ، ومعه ألواحه ، فيقول له ابن عباس أكتب ، قال : حتى سأله عن التفسير كلّه » (٥).
وأيضاً أخرج عن مجاهد ، قال : « عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كلّ آية منه وأسأله عنها » (٦).
____________
(١) الإتقان ٢ / ١٢٦ ط حجازي بمصر.
(٢) البقرة / ٢٦٩.
(٣) تفسير الطبري ٣ / ٨٩.
(٤) أعيان الشيعة ١ / ١٩٥.
(٥) تفسير الطبري ١ / ٦٢.
(٦) نفس المصدر ١ / ٤٠.