وعلى هذا كان سفيان الثوري يقول : « إذ جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به » (١).
ومثل مجاهد كام عطية العوفي فيما قال : « عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات على وجه التفسير ، وأمّا على وجه القراءة فقرأت عليه سبعين مرّة » (٢) ، ولعطية هذا تفسير في خمسة أجزاء.
وكيف لا يكون كذلك وهو أخذه من ابن عباس ترجمان القرآن؟ ولم ينقل مثل هذا عن غيره من الصحابة ، فبحق كان أوّل من أملى في تفسير القرآن ، كما في « أعيان الشيعة » ، ولعلّ ما في « الذريعة » : « إنّه أوّل من صنف في التفسير » (٣) إشارة إلى ما سبق. وسواء قلنا بهذا أو بذاك ، فهو كما قال ابن جزي في « التسهيل لعلوم التنزيل » : « واعلم أنّ المفسرين على طبقات : الأوّل الصحابة ، وأكثرهم كلاماً في التفسير ابن عباس ، وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يثني على تفسير ابن عباس ، ويقول : « كأنّما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق » ، وقال ابن عباس : ما عندي من تفسير القرآن فهو عن عليّ بن أبي طالب » (٤).
فمن بلغ تلك الدرجة العالية لا يستكثر عليه لو استخرج المعاني الدقيقة من آي الذكر الحكيم ، واستعان بالقرآن على فهم القرآن ،
____________
(١) الإتقان ٢ / ١٩٠.
(٢) أنظر سفينة البحار ٢ / ٢٠٥ ( عطا ) ، الذريعة ٤ / (٢٨٢) ـ ٢٨٣.
(٣) أعيان الشيعة ١ / ١٩٥ ، الذريعة ٤ / ٢٣٣.
(٤) التسهيل لعلوم التنزيل ١ / ٩.