« التفسير أعمّ من التأويل ، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ ، والتأويل في المعاني : كتأويل الرؤيا ، والتأويل يستعمل أكثره في الكتب الإلهية ، والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها ، والتفسير أكثره يستعمل في مفردات الألفاظ ، والتأويل أكثره يستعمل في الجمل.
فالتفسير : إمّا أن يستعمل في غريب الألفاظ كالبحيرة والسائبة والأصيلة ، أو في تبيين المراد وشرحه كقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (١).
وأمّا في كلام مضمن بقصة لا يمكن تصورّه إلاّ بمعرفتها ، نحو قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا) (٣).
وأمّا التأويل : فإنّه يستعمل مرّة عامّاً ومرّة خاصاً ، نحو الكفر المستعمل في الجحود المطلق ، وتارة في جحود الباري خاصة ، والإيمان المستعمل بين معان مختلفة ، نحو لفظ « وجد » المستعمل في الجدة ، والوجد ، والوجود » (٤).
ولا ريب أنّ ابن عباس بلغ في معرفة التأويل ما رفع مستواه العلمي بين الصحابة ، فكان يفسّر القرآن بالقرآن ، وعند الحاجة فبالسنّة ، ويستعين
____________
(١) البقرة / ٤٣.
(٢) التوبة / ٣٧.
(٣) البقرة / ١٨٩.
(٤) مقدمة التفسير المطبوعة في آخر مطاعن القرآن للقاضي عبد الجبار المعتزلي.