كثيراً بشواهد الشعر العربي ليسهل على السامع أن يدرك معاني القرآن في تدبّر آياته ، وهذا ما كانت عليه سيرته وعرف به نهجه حيث كان من الراسخين في العلم الذي شملتهم الآية الكريمة : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١) ، وهذا ما جعله مستهدفاً ، للسلطان الأموي حيث أغاضه أن يكون ابن عباس يرفع الحصار الثقافي العقائدي عن أهل البيت عليهم السلام عن طريق تفسير القرآن وتأويله بما لا يعجب معاوية وأشياعه.
وقد مرّ بنا في الحلقة الأولى رواية حوارٍ جرى بين ابن عباس وبين معاوية ـ وكان ذلك أوّل لقاء بينهما بعد مهادنة الإمام الحسن عليه السلام سنة ٤١ هـ ـ فقد جاء في ذلك الحوار بيان نهجه في التفسير والتأويل وفيه كشف عن حقائق مغيّبة عن الأمّة للتضليل الأموي ، فكان ابن عباس هو رجل الساعة والساحة يومئذ.
وإلى القارئ خلاصة ما دار بينهما :
قال معاوية : فإنّا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب عليّ وأهل بيته ، فكفّ لسانك يا بن عباس وأربع على ضلعك.
فقال له ابن عباس : أفتنهانا عن قراءة القرآن؟
قال : لا.
____________
(١) آل عمران / ٧.