أسباب النزول كما سيأتي بيان ذلك.
وممّا لا ريب فيه أنّ ابن عباس كان رأساً في كلّ تلكم المعارف والأدوات والنتائج ، وحسب القارئ دليلاً أنّ فيما جاء عنه في أشهر العلوم التي سطع نجمه فيها هو تفسير القرآن وعلومه ، وهو لا زال نيّراً مادام المسلم يقرأ القرآن ويطلب تفسيره ، لأنّه الحكمة كما قاله رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى : (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (١) قال : « المعرفة بالقرآن ».
وهذا ممّا لا شك فيه هو التفسير الصواب ، لأنّ المعرفة بالقرآن بما تشتمل عليه هاتان المفردتان مجتمعتين يعني معرفته من ناحية إعجازه ، وترتيب سوره ، وأسباب نزوله ، ومعرفة مكيّهِ ومدنيّهِ ، وحضره وسفره ، وتفسيره وتأويله ، ومعرفة محكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعامّه وخاصه ، وحتى وجوه قراءاته.
وهو كان يرى وجوب المعرفة ببعض أنحاء التفسير ، بما لا يعذر المرء بجهالته ، لقد كان في روايته تقسيم التفسير مصيباً وبصيراً خبيراً ، حيث قال مرفوعاً عنه صلى الله عليه وآله وسلم : « أنزل القرآن على أربعة أحرف : حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير تفسره العرب ، وتفسير تفسّره العلماء ، ومتشابه لا يعلمه إلاّ الله ، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب » (٢). وقد
____________
(١) البقرة / ٢٦٩.
(٢) التبيان ١ / ٧ ، الإتقان ٢ / ٤.