روي عنه ذلك أيضاً موقوفاً ، ثم قال : « نؤمن بالمحكم وندين به ، ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به ، وهو من عند الله كلّه » (١).
ولمّا كانت المعرفة بالقرآن التي هي الحكمة كما فسرّها ابن عباس : (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (٢) ، وفي القرآن تبيان كلّ شيء ، قال تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) (٣) ، وقال تعالى : (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (٤) ، ففيه مكارم الأخلاق ، وفيه أصول العلوم ، وفيه جواهر البلاغة ، فنرى أصحاب علم الكلام حجتهم من القرآن ، وأصحاب علم الفقه جلّ مآخذهم منه ، وكذلك علم الحديث واللغة.
وكان ابن عباس في جميع هذا الشأن ابن بجدتها ، حفظ المحكم فوعاه وهو ابن عشر سنين ، وبرع في علوم القرآن حتى اختص بلقب « ترجمان القرآن » ولم يحظ بهذا اللقب أحد غيره ، كما أنّه احتل مكان الصدارة عند المفسرين بعد ابن عمه عليه السلام ، فقالوا عنه : « رئيس المفسرين ».
قال السيوطي في « الإتقان » : « اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير ».
____________
(١) الإتقان ٢ / ٤.
(٢) البقرة / ٢٦٩.
(٣) النحل / ٨٩.
(٤) الأنعام / ٣١.