ثم قال : « أمّا الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم عليّ بن أبي طالب ، والرواية عن الثلاثة ندرة ـ نزرة ـ جدّاً ، وكان السبب في ذلك تقدّم وفاتهم ، كما أنّ ذلك هو السبب في قلّة رواية أبي بكر رضي الله عنه للحديث ، ولا أحفظ عن أبي بكر رضي الله عنه في التفسير إلاّ آثاراً قليلة جداً لا تكاد تجاوز العشرة » (١).
أقول : فمن كانت روايته محدودة بهذه الندرة ، والنزرة ، فمن أين إذن جاءته الشهرة؟ وهي لا تأتي إعتباطاً!
ثم قال السيوطي : « وأمّا عليّ فروي عنه الكثير ، وقد روى معمّر عن وهب ابن عبد الله عن أبي الطفيل قال : شهدت عليّاً يخطب وهو يقول : « سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء إلاّ أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله ، فو الله ما من آية إلاّ وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل » (٢).
وزاد البلوي في روايته : « ولو شئت أوقرت سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب » (٣).
ولا غرابة في ذلك بعدما حدّث عنه تلميذه البارّ الأمين ابن عباس ، فقال : « قال لي عليّ رضي الله عنه : يا بن عباس إذا صليت العشاء الآخرة فالحق إلى الجبّانة ، قال : فصلّيت ولحقته ـ وكانت ليلة مقمرة ـ قال : فقال لي : ما تفسير الألف؟ من الحمد قلت : لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، قال : ثم قال : ما تفسير اللام من الحمد؟ قلت : لا أعلم ، فتكلم فيها ساعة تامة ، ثم قال : ما تفسير الحاء من الحمد؟ قال : قلت : لا أعلم ، قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال : ما تفسير
____________
(١) الإتقان ٢ / ١٨٧ ط حجازي بمصر.
(٢) نفس المصدر.
(٣) ألف باء للبلوي ١ / ٢٢٢.