وهو أكثر دقة من السيوطي وأمثاله ممن حشر أسماء الخلفاء الثلاثة مع المشهورين من المفسرين ، ولسنا في مقام تجريدهم من معارفهم القرآنية ، ولا إبعادهم عن حقل التفسير إبعاداً كلّياً ، فحسب أوّلهم أبو بكر حين سئل عن معنى الأب في قوله تعالى : (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (١)؟ فقال : « أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم » (٢).
وكذلك كان مثله في هذا عمر بن الخطاب فيما رواه أنس : « أنّ عمر بن الخطاب قرأ على المنبر (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (٣) ، فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه ، فقال : إنّ هذا لهو التكلف يا عمر » (٤).
وليس هذا بعار على من لم يعرف شيئاً أن يقول لا أعلم ، فإنّ ابن عباس كان يقول : « إذا ترك العالم قول لا أدري أصيبت مقاتله » (٥).
أمّا عن ثالث الخلفاء فلم أقف له على شيء يذكر!
فذكرهم ضمن مشهوري المفسرين من الصحابة كما عند السيوطي قول جزاف ، مبعثه رواسب الحكم الخليفي.
ويبقى حديثنا عن ابن عباس ، فهو المصلي بعد أستاذه وابن عمه الإمام عليه السلام حيث كان هو المجلّي ، لذلك كانت آراؤه في التفسير تلقى قبولاً
____________
(١) عبس / ٣٠.
(٢) الإتقان ١ / ١١٥ ، نقلاً عن أبي عبيد في الفضائل.
(٣) عبس / ٣٠.
(٤) الإتقان ١ / ١١٥.
(٥) البيان والتبيين ١ / ٣٩٨ و ٢ / ٩٠ تحقيق هارون ، وعيون الأخبار ٢ / ١٢٥ ط دار الكتب بمصر ، ومنية المريد للشهيد / ١١٦.