عند الصحابة وترجيحاً عند المفسرين من عهده وحتى اليوم ، لما له من الأفضلية ، والشواهد على ذلك كثيرة ، وسيأتي بعضها.
وقد عرفنا سابقاً ينابيع معارفه القرآنية وغيرها في بداية تاريخه العلمي في الجزء الأوّل من هذه الحلقة ، وعرفناها لاحقاً بخصوص علوم القرآن وأنّها نبع عين صافية ، لا يخفي صاحبها على واردها من خافية ، حين يدعوه في ليلة مقمرة إلى الجبانة فيفسّر له كلمة « الحمد » من أوّل الليل بعد العشاء حتى مطلع الفجر ، ثم هو الوارد الواحد المستفيد ، يقولها بصراحة لا لبس فيها ولا غموض : « ما أخذت من تفسير القرآن فعن عليّ بن أبي طالب ».
وقد مرّت الإشارة في مناقشة ما قيل في أخذه عن عمر ، وابن مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وآخرين من أهل الكتاب ، حشرت أسماؤهم في كتب السير والتفسير ، وكانت تلك المناقشات بنحو الإختصار في ذكر بعضهم ، وأحلت البيان إلى ما بعد ذلك.
وفاتني ذكر تابعيّ ورد أسمه في تلقي ابن عباس منه تفسير القرآن ، وأحسب تلك المعلومة حقيقة مغيّبة ، لا يعرفها كثير من القرّاء ، إن لم يكن كلّهم ، وتلك هي تلقّيه التفسير من ميثم التمّار التابعي « الشهيد سنة ٦٠ هـ على يد العتلّ الزنيم ابن مرجانة ».
وأحسب أنّ كثيراً من القراء لا يعرف مَن هو ميثم التمار؟ إذ لم يشهر أسمه بين المفسّرين ، بل لم يرد ذكره في طبقاتهم وتفاسيرهم ممّا يرفع علامة التعجب في أخذ ابن عباس « صدر المفسرين » من هذا التابعي الجليل دون ذكره ضمن قائمة شيوخه وقد مرّت.
إذن علينا أن نلم سراعاً بتاريخ ميثم بداية ونهاية ، ليزول العجب عند معرفة السبب ، فنقول :