وذكره أيضاً في « سير أعلام النبلاء » ، فقال : « ومع كون معمّر ثقة ثبتاً فله أوهام لا سيّما لمّا قدم البصرة ... » (١). كما ذكره في كتابه « المغني في الضعفاء » (٢).
أقول : فمن كان هذا حاله في روايته فكيف برأيه؟!
ولنقرأ ما جاء عنه باعترافه وقد احتجم ، قال : « فقمت وما أقدر من القرآن على حرف حتى كنت لأصلي فأمر من يلقنني » (٣) ، فهذا حاله في رأيه وروايته!!
أضف إلى ذلك كلّه لسائل أن يسأل : من أين عَلِمَ معمّر أنّ عامّة علم ابن عباس من ثلاثة عمر وعليّ وأبيّ بن كعب؟!
وهذا السؤال إنّما يفرض نفسه لإنتفاء المعاصرة بين معمر وابن عباس ، فإن بين موتهما ما يقرب من قرن ، حيث مات ابن عباس سنة ٦٨ هـ ، ومات معمر سنة ١٥٤ هـ ، ولم يكن معمّر معمَّراً في عمره ، فمن أين علم معمّر بأنّ عامّة علم ابن عباس من عمر وعليّ وأبيّ بن كعب؟!
فهل روى ذلك عن غيره؟ فمن هو ذلك الغير لينظر حاله وصدق مقاله؟
أم استقرأ هو بنفسه جميع أحاديث ابن عباس فرأى أنّ عامّة علمه من الثلاثة المذكورين؟
وهذا ربّما لا يناقش لو كان كلّ علم ابن عباس مجموعاً في كتاب واطّلع عليه معمّر ، ولكن ذلك لم يكن ، على أنّ الأحاديث عنه ، منها المدوّن في السطور عند تلامذته ، ومنها غير المدوّن وبقي مخزوناً في الصدور ، فمن أين علم أنّ عامّة علم ابن عباس من عمر وعليّ وأبيّ بن كعب؟
____________
(١) سير أعلام النبلاء ٧ / ١٣.
(٢) المغني في الضعفاء ٢ / ٦٧١.
(٣) المصنف لعبد الرزاق ١١ / (٣٠) ـ وهو أحد الرواة عن معمر! ـ.