عنه حتى أنكرت نفسي » (١). فأين هذا من التفسير؟
بينما نجد ابن جرير ذكر في تفسيره من مقدمته إلى نهاية سورة الفاتحة ما يقرب من ثلاثين أثراً عن ابن عباس ، وليس في شيء منها أثراً واحداً أخذه عن عمر ، فأين التفسير الذي أخذه عنه؟
ولندع هذا التفسير الكبير الذي يعسر علينا ـ فعلاً ـ إجراء مسح شامل لجميع أجزائه ، وفي « أجهزة الكمبيوتر » لمن عنده خير معين ، ليقف من خلاله على ما روي عن كلّ من عمر وابن عباس ، ومن هو الذي أخذ عن صاحبه.
والآن لنرجع فعلاً إلى كتاب التفسير في صحيح البخاري ـ وهو أصح كتاب بعد كتاب الله كما يقولون ـ وقد أجرينا كشفاً على مروياته ـ البخاري ـ عن كلّ من عمر وابن عباس فكان البون شاسعاً بينهما.
فكان ما رواه عن عمر لم يزد على العشرة إلاّ قليلاً ، وليس بينها ما يصلح الإستدلال به على أنّه من التفسير إلاّ على وجه ما! بينما روى عن ابن عباس ما يقرب من المائتين ، ولم نجد في مجموع تلكم الموارد ما رواه ابن عباس عن عمر إلاّ رواية واحدة في سورة براءة في قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) (٢).
وإلى القارئ لفظها كما رواها البخاري بسنده : « عن ابن عباس ، عن
____________
(١) تفسير الطبري ١ / ١١١ تح محمود محمد شاكر.
(٢) التوبة / ٨٠.