فقد قال الشيخ الأزهري محمد حسين الذهبي في كتابه « التفسير والمفسرون » : « روي عن ابن عباس رضي الله عنه في التفسير ما لا يحصى كثرة ، وتعددت الروايات عنده وأختلفت طرقها ، فلا تكاد تجد آية من كتاب الله تعالى إلاّ ولابن عباس رضي الله عنه فيها قول أو أقوال ، الأمر الذي جعل نقاد الأثر ورواة الحديث يقفون إزاء هذه الروايات التي جاوزت الحدّ وقفة المرتاب ، فتتبعوا سلسلة الرواة ، فعدّلوا العدول ، وجرحوا الضعفاء ، وكشفوا للناس عن مقدار هذه الروايات قوة وضعفاً » (١).
وللباحثين المحدثين من أصحاب الدراسات الخاصة بابن عباس في هذه الروايات مواقف تكاد أن تكون متقاربة في الدفاع عنها ، ولسنا بصدد عرضها.
إلاّ إنّا نقول : لقد قرأنا في الحلقة الأولى مكانته النسبية وعلقته السببية مع أهل بيت الوحي والتنزيل ، مضافاً إلى إستعداده الفطري بما أوتي من فهم وعلم ببركة دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالحكمة وعلم التأويل ما يدحض جميع الشبهات في المقام ، ويبقى علينا غربلة تلك الكثرة الكاثرة عن طريق سلامة السند ، ثم دلالة المتن بما لا ينافي أصول العقيدة وأحكام الشريعة.
ونظرة فاحصة في تلك الروايات عن ابن عباس ، نجد كثيراً منها موافقاً لما روى عن أهل البيت عليهم السلام ، ولإحاطة القارئ بشواهد على ذلك ، نراجع معاً كتاب « مجمع البيان في تفسير القرآن » تأليف الشيخ أمين الإسلام الحسن ابن الفضل الطبرسي من أعلام المفسرين في القرن السادس ، إذ توفي سنة
____________
(١) التفسير والمفسرون ١ / ٧٧.