فيها ، ولا في بعضها ، بل الواجب إقامة الدليل على كلّ مطلوب منها وهو مقدار سهل. أمّا التعرّض لحلّ شبه الطاعنين فيجب على من عرضت له. والاستفادة من المسائل الكلاميّة من العلماء للتنبيه لا للتقليد.
والدليل على هذا المطلوب قوله تعالى : ( قُلِ انْظُرُوا ) (١) ( أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) (٢) وقوله : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ ) (٣) وتكليفه بالعلم يستلزم تكليفنا به ؛ لوجوب التأسّي به. وهذه تنبيها على هذا المطلوب ؛ إذ التقليد لا يؤمن خطؤه وهو قبيح عقلا وللزم الترجيح بلا مرجّح عند الاختلاف ، أو اعتقاد حقّيّة النقيضين ؛ ولأنّه تعالى ذمّ التقليد في عدّة أماكن ؛ ولأنّ صدق المقلّد إنّما يستفاد بعد تحصيل هذه المعارف ، فلو استفيدت منه لزم الدور المحال. وعدم تكليف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الاعتراف بالنظر ؛ ليدخلوا دار الإسلام ويسمعوا محاسنه ، وفي الأثناء يظهر لهم بأدنى تنبيه أنّ له هذه المعارف ، على أنّ أكثرهم كانوا معتقدين لها ، مستحضرين لأدلّتها وإن لم يعثروا عليها ؛ لقوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (٤) ( فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٥).
[ المسألة ] الأربعون : الإيمان اسم للتصديق بالله تعالى ولجميع ما جاء به النبيّ ( عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله ) ممّا علم بالضرورة مع الإقرار اللساني. أمّا فعل الطاعات بالجوارح فليس يدخل في حقيقة الإيمان وإنّما هو من مكمّلاته.
وبالإيمان يستحقّ الخلود في الجنّة ، وبالكفر يستحقّ الخلود في النار ، وبفعل الطاعات يزيد في الدرجات في الجنان ، وبتركها يستحقّ دخول النار ، ثمّ الدخول إلى الجنّة ، إلّا أن تتدارك المكلّف توبة أو شفاعة شفيع أو عفو الله تعالى.
واعلم أنّه لا بدّ من المعاد البدني والروحاني ، وعليه إجماع الملّة الإسلاميّة ( شرّفها الله تعالى ) وقد نطق به القرآن العزيز في عدّة مواضع ؛ لأنّه تعالى حكيم ، وقد ألزم بالميثاق
__________________
(١) يونس (١٠) : ١٠١.
(٢) يونس (١٠) : ٣.
(٣) سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤٧) : ١٩.
(٤) الزمر (٣٩) : ٣٨.
(٥) العنكبوت (٢٩) : ٦٥.